للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتنطحه بقرونها، وقال: "ومن حقها أن تحلب على الماء"، قال: "ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة، يحملها على رقبته لها يُعَار، فيقول: يا محمد، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد بلغت، ولا يأتي ببعير يحمله على رقبته، له رُغَاء، فيقول: يا محمد، فأقول: لا أملك لك من اللَّه شيئا، قد بلغت".

فهذا ظاهرٌ في كون الكلّ مرفوعًا، وأصرح من هذا أن البخاريّ روى الزيادة فقط من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، فقال في "كتاب المساقاة" من "صحيحه":

٢٣٧٨ حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا محمد بن فليح، قال: حدثني أبي، عن هلال بن عليّ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة، - رضي اللَّه عنه -، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "من حق الإبل، أن تُحلَب على الماء".

فهذا صريح في رفع هذا الكلام إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بحيث لا يحتمل الإدراج.

وأخرج مسلم في "صحيحه" من حديث أبي الزبير، عن جابر - رضي اللَّه عنه -: "ما من صاحب إبل، ولا بقر، ولا غنم، لا يؤدّي منها حقّها … " الحديث، وفيه: فقلنا: يا رسول اللَّه وما حقّها؟ قال: "إطراق فحلها، وإعارة دلوها، ومنحتها، وحلبها على الماء، وحمل عليها في سبيل اللَّه". وذكر الحديث.

وهذا أيضًا صريح في رفع هذا الكلام إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. فتنبّه.

وقد ادعى العراقيّ أيضًا هنا الانقطاع في هذه الزيادة، بأن مسلما أخرجه في بعض طرقه دون الزيادة، ثم قال أبو الزبير: سمع عبيد بن عمير يقول هذا القول، ثم سألنا جابر بن عبد اللَّه، فقال مثل قول عبيد بن عمير، قال أبو الزبير: وسمعت عبيد بن عمير يقول: قال رجل: يا رسول اللَّه، ما حقّ الإبل؟ قال: "حلبها على الماء … " الحديث.

قال العراقيّ: فقد تبيّن بهذا أن هذه الزيادة إنما سمعها أبو الزبير من عبيد بن عمير مرسلة، لا ذكر لجابر فيها انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذه الدعوى غير صحيحة أيضًا، لأن الانقطاع في طريق لا يستلزم الانقطاع في جميع الطرق، فأبو الزبير سمعه من جابر - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا، وسمعه من عُبيد بن عمير مرسلاً، فحدث بالطريقين، وقد نبّه مسلم بإخراجه من كلا الطريقين على أن الإرسال هنا لا يضرّ الاتصال، على أن الحديث قد صحّ من رواية أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - عند البخاريّ كما قدّمته قريبًا.

والحاصل أن ادعاء الإدراج في مثل هذه الزيادة غير صحيح؛ إذ لو فتح مثل هذا الباب لارتفعت الثقة بروايات الثقات، ولا سيما ما اعتمده الشيخان، وأورداه في