للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"فِيمَا سَقَتْ" "مَنْ بَاعَ" ثُمَّ "تَخْرُجُ" … مِنْ نَحْوِ حَضْرَمَوْتَ نَاْرٌ تُزْعِجُ

وَبَعْضُهُمْ زَادَ حَدِيثَ "النَّاسُ" … كَالإِبِلِ الْمِائَةِ بِئْسَ الْقَاسُ (١)

وَبَعْضُهُمْ رَجَّحَ قَوْلَ سَالِمِ … فِي رَفْعِهَا فَاحْفَظْهُ حِفْظَ فَاهِمِ

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان ما يوجب عشر ما خرج من الأرض، وهو كونه مما سقته السماء، والأنهار، والعيون، أو كان بَعْلاً، وهو ما يشرب بعروقه من الأرض، وما يوجب نصف العشر، وهو كونه مما سُقي بكُلْفة، كالسواني.

(ومنها): وجوب زكاة الخارج من الأرض (ومنها): رأفة اللَّه تعالى بعباده، حيث خفّف عنهم في محلّ الكلفة، فأوجب عليهم النصف.

(ومنها): أن فيه بيان الحكمة البالغة في الشريعة السمحة، حيث راعت حقوق جميع المسلمين، أغنيائِهم، وفقرائِهم، فأوجبت على الأغنياء القليل من الكثير مما يمتلكونه، لئلا يتضرّروا، وأوجبت للفقراء، في أموال الأغنياء ما يواسونهم به، لئلا تنكسر قلوبهم، ويحملوا على الأغنياء، حقدًا، وحسدًا، فبهذا تجتمع قلوب الجميع، وتتآلف، ولا يحصل بينهم تحاسدٌ، ولا تباغضٌ، ولا تدابرٌ، ولا تقاطع، بل يكونون إخوانًا متحابيّن، فيتحقق فيه معنى قوله - صلى اللَّه عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "مثلُ المؤمنين في توادّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسَّهَر والحمّى". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): دلّت أحاديث الباب على وجوب الزكاة في الزروع والثمار. قال ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى-: والأصل في ذلك الكتاب، والسنّة، والإجماع، أما الكتاب فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} الآية [البقرة: ٢٦٧] والزكاة تُسمّى نفقةً، بدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية [التوبة: ٣٤]. وقال تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] قال ابن عبّاس - رضي اللَّه عنهما -: حقّه الزكاة المفروضة. وقال مرّةً: العشر، ونصف العشر. ثم ذكر ابن قدامة الأحاديث التي أوردها المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- في هذا الباب، ثم قال: وأجمع أهل العلم على أن الصدقة واجبة في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب. قاله ابن المنذر، وابن عبد البرّ انتهى كلام ابن قُدامة


(١) - القاس: القدر، أي بئس هذا المثال.