للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحوال، أو حولا واحدًا، بخلاف رواية، "عَرِّفها سنة" فقد صحّت في حديث عبد اللَّه بن عمرو المذكور في الباب، وفي حديث زيد بن خالد الجهنيّ عند الشيخين، وغيرهما، لم يَختلف الرواة فيها، فوجب تقديمها.

وجزم ابن حزم، وابن الجوزيّ بأن هذه الزيادة غَلَطٌ، والذي يظهر أن سلمة أخطأ فيها، ثم تثبّت، واستذكر، واستمرّ على عام واحد، ولا يؤخذ إلا بما لم يشكّ فيه راويه.

ومن العلماء من حمل حديث أُبيّ بن كعب على مزيد الوَرَع عن التصرّف في اللقطة، والمبالغة في التعفّف عنها، وحديثَ عبد اللَّه وزيد على ما لا بدّ منه، أو لاحتياج الأعرابيّ في حديث زيد، واستغناء أُبيّ. والوجه الأول أولى.

قال المنذريّ لم يقل أحد من أئمّة الفتوى أن اللقطة تُعرَّف ثلاثة أعوام، إلا شيء جاء عن عمر انتهى. وقد حكاه الماورديّ عن شواذّ من الفقهاء. وحكى ابن المنذر عن عمر أربعة أقوال: يُعرّفها ثلاثة أحوال، عامًا واحدًا، ثلاثة أشهر، ثلاثة أيام. ويُحمَل ذلك على عظم اللقطة، وحقارتها. وزاد ابن حزم عن عمر قولاً خامسًا، وهو أربعة أشهر.

والحاصل أن التعريف سنة واحدة هو الحقّ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): اختُلف في وجوب دفع اللقطة إذا جاء صاحبها، وذَكَرَ علامتها:

ذهب مالك، وأحمد -رحمهما اللَّه تعالى- إلى وجوب الدفع، وقال أبو حنيفة، والشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى-: إن وقع في نفسه صدقه جاز أن يدفع إليه، ولا يُجبر على ذلك إلا ببيّنة؛ لأنه قد يُصيب الصفة.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي مذهب الأوَّلَين هو الأرجح؛ لظاهر قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "فإن جاء صاحبها، وإلا فلك"، وعند البخاريّ في حديث زيد بن خالد الجهنيّ - رضي اللَّه عنه -: "فإن جاء صاحبها، وإلا فاستمتع بها"، ولمسلم في حديثه أيضًا: "فإن جاء أحدٌ يُخبرك بعددها، ووعائها، ووكائها، فأعطها إيّاه" انتهى.

فقد أمر - صلى اللَّه عليه وسلم - بالدفع لمن أصاب العلامة، ولم يشترط بينة، والأَمرُ للوجوب، فالحقّ وجوب الدفع بغير بيّنة، إذا أصاب الوصف. واللَّه تعالى أعلم.

وقد ادّعى أبو داود -رحمه اللَّه تعالى- في "سننه" أن حمّاد بن سلمة زاد: "إن جاء صاحبها، فعَرَفَ عِفَاصها، ووِكَاءها، فادفها إليه" قال: وهي زيادة ليست بمحفوظة.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذه الدعوى غير صحيحة، فإن حمّاد بن سلمة لم ينفرد بها، بل تابعه سفيان الثوريّ، وزيد بن أبي أُنيسة، عند مسلم في "صحيحه"،