للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-, وَتَخَلَّيْتُ, وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ, وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ, كُلُّ مُسْلِمٍ عَلَى مُسْلِمٍ مُحَرَّمٌ, أَخَوَانِ, نَصِيرَانِ, لَا يَقْبَلُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ مُشْرِكٍ, بَعْدَ مَا أَسْلَمَ عَمَلاً, أَوْ يُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد هم المذكورون قبل باب، والحديث تقدّم للمصنّف -رحمه اللَّه تعالى- في "باب وجوب الزكاة" برقم-١/ ٢٤٣٦ - سندًا، ومتنًا، أورده هناك استدلالًا على وجوب الزكاة، وتقدّم هناك شرحه، والكلام على مسائله، وباللَّه تعالى التوفيق.

ومحلّ الاستدلال على الترجمة هنا قوله: "أسألك بوجه اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-"، فإن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أقرّه عليه، فدلّ على أنّ السؤال بوجه اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- مشروع. واللَّه تعالى أعلم.

[فإن قلت]: كيف تجمع بين حديث الباب، وحديث: "ملعونٌ من سأل بوجه اللَّه، وملعونٌ من يُسأل بوجه اللَّه، ثم منع سائله ما لم يسأله هُجْرًا". رواه الطبرانيّ، قال المنذريّ: رجاله رجال الصحيح، إلا شيخه، يحيى بن عثمان بن صالح، وهو ثقة انتهى؟.

[قلت]: الذي يظهر لي -واللَّه تعالى أعلم- أن يُجمَعُ بينهما يحمل حديث الطبرانيّ على من يسأل بوجه اللَّه تعالى بلا حاجة تدعوه لذلك، وإنما لمجرّد عدم مبالاته بعظمة اسم اللَّه تعالى.

وأما الحديث الذي أخرجه أبو داود من طريق سليمان بن معاذ التميمي، حدثنا ابن المنكدر، عن جابر، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا يسأل بوجه اللَّه، إلا الجنة". فإنه حديث ضعيف؛ لأن في سنده سليمان بن معاذ، وهو سليمان بن أرقم بن معاذ، نُسب لجدّه، وهو ضعيف. واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: "وإني كنت امرأ" "كان" هنا زائدة، ويحتمل أن تكون بمعنى "صار"، وإني صِرْتُ امرأً الخ.

وقوله: "بما بعثك اللَّه" "ما" استفهاميّةٌ، والغالب فيها أن تحذف ألفها إذا جُرّت، وتقدّم تمام البحث فيه في الباب المذكور.

وقوله: "مُحْرِم" تقدّم ضبطه بصيغة اسم الفاعل من أحرم رباعيًّا، بمعنى أنه يُحرِّمُ أذاك عليه. ويحتمل أن يكون بصيغة اسم المفعول المضعّف، من حُرِّمَ، أي حَرّم اللَّه تعالى تعرّض مسلم على مسلم بالأذى، إلا بما شرعه الشارع، كالقصاص، وإقامة الحدود عليه، وتضمينه المال إذا أتلف مال غيره، ونحو ذلك.

وقوله: "أخوان" خبر لمحذوف، أي هما أخوان. وقوله: "أو يفارق الخ" بالنصب بـ "أن" مضمرة وجوبًا بعد "أو" التي بمعنى "إلى"، أي إلى أن يفارق المشركين، وفيه