للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في قوله تعالى تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} الآية [الملك: ١٦]، وقد تقدم أن التسليم في المشكلات أسلم انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي ذكره القرطبيّ في معنى هذا الحديث غير صحيح، والصواب إثبات الفوقية للَّه تعالى على ما يليق بجلاله، فهو سبحانه استوى على عرشه استواء حقيقيّا، يليق بجلاله، كما أخبر به في عدّة آيات الكتاب، وكما أخبر به النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في الأحاديث "الصحيحة" ولا يلزم من ذلك تجسيم، ولا تكييف، فإن قياس الغائب بالشاهد باطلٌ، فربنا سبحانه وتعالى هو الأعلى "سبحان ربي الأعلى"، وكلّ ما ثبت في النصّ من صفاته العليا فهو ثابت له على ظاهره، من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تأويل، ولا تعطيل، وقد أشبعت الكلام على هذه المسألة في غير هذا الموضع من هذا الشرح. واللَّه سبحانه هو الهادي إلى سواء السبيل.

(قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - اعتذارًا إليهم (إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ) أي إنما آثرت إعطاء هؤلاء، وتركتكم (لِأَتَأَلَّفَهُمْ) أي لأجل أن أستميل قلوبهم إلى الإسلام.

(فَجَاءَ رَجُلٌ) هو ذو الْخُويصِرَةِ التميميّ، كما ثبت صريحًا في رواية لأبي سعيد الخدريّ عند البخاريّ في "علامات النبوّة". وعند أبي داود: اسمه نافع. ورجّحه السهيليّ. وقيل: اسمه حُرْقُوص بن زُهير السعديّ.

(كَثُّ اللِّحْيَةِ) بفتح الكاف: أي غليظها (مُشْرِفُ الْوَجْنَتَينِ) المشرف -بشين معجمة، وفاء- بمعنى البارز، والمرتفع. والوجنتان: تثنية وَجْنة. قال الفيّوميّ: الوجنة من الإنسان ما ارتفع من لحم خدّه، والأشهر فتح الواو، وحكي التثليث، والجمع وَجَنَات، مثلُ سَجْدة وسَجَدَات انتهى.

وقال في "اللسان": الوجنة مثلثةً، والوَجَنَة محرَّكةً، والأُجْنة مثلثةً: ما انحدر من الْمَحْجِرِ (٢)، ونَتَأَ من الوجه. وقيل: ما نتأ من لحم الخدّ بين الصدغين، وكَنَفي الأنف.

وقيل: هو فَرَقُ ما بين الخدّين والْمَدْمع من العظم الشاخص في الوجه، إذا وضعت عليه يدك وجدت حجمه. وحكى الليحيانيّ: إنه لحسن الوَجَنَات، كأنه جعل كلّ جزء منها وجنة، ثم جمع على هذا انتهى.

(غَائِرُ الْعَينَيْنِ) بالغين المعجمة، والتحتانيّة، اسم فاعل من الْغَوْر، والمراد أن عينيه


(١) - راجع "المفهم" ج ٣ ص ١١١ - ١١٢.
(٢) - المحجِر مثال مجلِس: ما ظهر من النقاب من الرجل والمرأة، من الْجَفْن الأسفل، وقد يكون من الأعلى. وقال بعض العرب: هو ما دار بالعين من جميع الجوانب، وبدا من البرقع، والجمع المحاجر. اهـ "المصباح".