للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بمعنى يعلمون، ويحتمل أن يكون بالبناء للمفعول بمعنى يظنّون. وفي رواية الشيخين: "فقال خالد بن الوليد: يا رسول اللَّه، ألا أضرب عنقه؟ ".

وفي هذه الرواية أن الذي استأذن في قتله هو خالد بن الوليد. وفي رواية عند البخاريّ أن الذي استأذنه في قتله هو عمر بن الخطّاب - رضي اللَّه تعالى عنه -، ولا إشكال فيه، إذ يمكن الجمع، بأن يكون كلّ واحد منهما استأذن في قتله، فأجيب كلّ منهما. واللَّه تعالى أعلم.

(فَقَالَ: رَسُولُ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -) وفي رواية الشيخين لما استأذن خالد في ضرب عنقه، قال - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا، لعله أن يكون يصلّي"، فقال خالد: وكم من مصلّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه؟، قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إنّي لم أومر أَنَّ أَنقُب قلوب الناس، ولا أشُقّ بطونهم"، قال: ثم نظر إليه، وهو مُقّفِّ، فقال: إنه يخرج من ضئضىء هذا الخ".

قال في "الفتح": قال القرطبي: إنما منع قتله، وإن كان قد استوجب القتل لئلا يتحدّث الناس أنه يقتل أصحابه، ولا سيما من صلّى، كما ثبت نظيره في قصّة عبد اللَّه ابن أُبيّ. وقال المازريّ: يحتمل أن يكون النبيّ- صلى اللَّه عليه وسلم - لم يفهم من الرجل الطعن في النبوّة، وإنما نسبه إلى ترك العدل في القسمة، وليس ذلك كبيرة، والأنبياء معصومون من الكبائر بالإجماع، واختُلف في جواز وقوع الصغائر منهم. أو لعله لم يعاقب هذا الرجل لأنه لم يثبت ذلك عنه، بل نقله عنه واحدٌ، وخبر الواحد لا يُراق به الدم انتهى. وأبطله عياض بقوله في الحديث: "اعدل يا محمد"، فخاطبه في الملأ بذلك حتى استأذنوه في قتله، فالصواب ما تقدّم. انتهى.

(إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا) قال في "الفتح": كذا للأكثر بضادين معجمتين، مكسورتين، بينهما تحتانيّة، مهموزة، ساكنة، وفي آخره تحتانيّة مهموزة أيضًا. وفي رواية الكشميهنيّ: بصادين مهملتين، فأما بالضاد المعجمة، فالمراد به النسل والعقب. وزعم ابن الأثير أن الذي بالمهملة بمعناه. وحكى ابن الأثير أنه روي بالمدّ، بوزن قِنْدِيل انتهى (١) (قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ) وفي رواية للشيخين: "يتلون كتاب اللَّه رطبًا".

قال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: قوله: "يتلون كتاب اللَّه رطبًا" فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه الْحِذْق بالتلاوة، والمعنى أنهم يأتون به على أحسن أحواله.

والثاني: يواظبون على تلاوته، فلا تزال ألسنتهم رطبة به.

والثالث: أن يكون من حسن الصوت بالقراءة. انتهى (٢).


(١) - "فتح" ج ٨ ص ٣٩٧.
(٢) - انظر "المفهم" ج ٣ ص ١١٤.