للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مفعول، من أُغضِب، والجملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، أي أدبر، والحال أنه غضبان؛ لعدم قضاء النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - حاجته (وَهُوَ يَقُولُ) جملة حالية معطوفة على الأولى (لَعَمْرِي) بفتح العين المهملة، وسكون الميم: أي لحياتي، ولا تستعمل في القسم إلا بالفتح، وأما في غيره، فيجوز فيها الفتح، والضمّ، والضمّتان، والجمع أعمار.

[فإن قلت]: كيف أقرّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - الرجل على هذا الحلف، وقد صحّ عنه النهي عن الحلف بغير اللَّه؟.

[قلت]: يجاب عنه بأنه قبل النهي عن الحلف بغير اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم.

(وإِنَّكَ لَتُعْطِي مَن شِئْتَ) ممن لا يستحقّها، أي وتمنع من شئت ممن يستحقّها، والظاهر أن الرجل كان من أجلاف الأعراب حديث عهد بالإِسلام، أو كان منافقًا، على أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان لا ينتقم لنفسه.

وقال الحافظ أبو عمر -رحمه اللَّه تعالى-: يحتمل أن يكون من الأعراب الجفاة الذين لا يدرون حدود ما أنزل اللَّه على رسوله.

وفي هذا دليلٌ على ما قال مالك: إن من تولّى تفريق الصدقات لم يَعدَم من يلومه، قال: وقد كنتُ أتولاّها لنفسي، فأوذيت، فتركت ذلك.

وقد يجوز أن يكون مَنْعُ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - للرجل الذي منعه حين سأله من الصدقة؛ لأنه كان غنيًّا، لا تحلّ له، أو ممن لا يجوز له أخذها لمعان، اللَّه ورسوله أعلم بها انتهى كلام ابن عبد البرّ (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الاحتمال الثاني فيه نظر، إذ ظاهر قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا أجد ما أعطيك" يُبعده. واللَّه تعالى أعلم.

(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إِنَّهُ لَيَغْضَبُ عَلَيَّ، أَنْ لَا أَجِدَ مَا أُعْطِيهِ) "أن" مصدريّة، والمصدر المنسبك مجرور بحرف جرّ محذوف قياسًا، أي في عدم وجودي شيئًا أعطيه (مَنْ سَأَلَ مِنْكُمٌ، وَلَهُ أُوقِيَّةٌ، أَوْ عِدْلُهَا) تقدّم أول الباب ضبطها بالكسر، والفتح، والخلاف في ذلك، والمعنى: ما يبلغ قيمتها من غير الدراهم (فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا) منصوب على الحال، أو مفعولٌ لأجله (قَالَ: الأسَدِيُّ) أي الرجل المنسوب إلى بني أسد، وهو الصحابيّ الراوي للحديث (فَقُلْتُ) عند سماع ذلك (لَلَقْحَةٌ لَنَا) بفتح اللام الأولى، وهي ابتدائية، أو جواب قسم مقدّر، وبكسر اللام الثانية، أو فتحها: هي الناقة


(١) - راجع "التمهيد" ج ٤ ص ٩٥ - ٩٦.