للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دفعها إلى الهاشميّ في زمانه. قال الطحاويّ: هذه الرواية عن أبي حنيفة ليست بالمشهورة. وروي عنه، وعن أبي يوسف: يحلّ من بعضهم لبعض، لا من غيرهم.

قال الحافظ: وعند المالكيّة في ذلك أربعة أقوال مشهورة: الجواز، المنع، جواز التطوّع دون الفرض، عكسه. وأدلّة المنع ظاهرة من حديث الباب وغيره. ولقوله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} [الفرقان: ٥٧]، ولو أحلّها لآله لأوشك أن يطعنوا فيه. ولقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣]، وثبت عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "الصدقة أوساخ الناس" كما رواه مسلم.

ويؤخذ من هذا جواز التطوّع دون الفرض، وهو قول أكثر الحنفيّة، والمصحّح عند الشافعيّة، والحنابلة، وأما عكسه، فقالوا: إن الوجب حقّ لا زم، لا يلحق بأخذه ذلّة، بخلاف التطوّع. ووجه التفرقة بين بني هاشم وغيرهم أن موجب المنع رفع يد الأدنى على الأعلى، فأما الأعلى على مثله فلا. ولم أر لمن أجاز مطلقًا دليلًا، إلا ما تقدّم عن أبي حنيفة انتهى كلام الحافظ (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تَبَيَّنَ مما تقدّم من الأدلّة أن الأرجح القول بتحريم الصدقة مطلقًا، فرضًا كانت أو تطوّعًا على آله - صلى اللَّه عليه وسلم -. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".

٩٦ - (بَابٌ ابْنُ أُخْتِ الْقَوْم مِنْهُمْ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: غرض المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بهذا الاستدلال بحديث الباب على منع من كانت أمه هاشميّة من الصدقة؛ لأنَّهُ منهم حكمًا، وهو ظاهرٌ، فإن الحديث، وإن ورد على سبب خاصّ، كما سيأتي قريبًا، لكن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٢٦١٠ - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, قَالَ: قُلْتُ: لأَبِى إِيَاسٍ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ (٢): أَسَمِعْتَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -:


(١) - راجع "الفتح" ج ٤ ص ١٢١ - ١٢٢.
(٢) - وقع في "الكبرى" هنا "معاوية بن مرّة" بالميم، وهو تصحيف، والصواب بالقاف.