للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، وأن فيه عائشة - رضي اللَّه عنها - من المكثرين السبعة روت (٢٢١٠) أحاديث. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ عَائِشَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنها - (أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ) بنت صفوان. وهي بفتح الموحّدة، بوزن فَعِيلة، مشتقّة من الْبَرِيرِ، وهو ثمر الأراك. وقيل: إنها فَعِيلة من البرّ، بمعنى مفعولة، كمبرورة، أو بمعنى فاعلة، كرحيمة، هكذا وجهه القرطبيّ، والأول أولى؛ لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - غَيّر اسم جويرية، وكان اسمها بَرّة، وقال: "لا تزكّوا أنفسكم"، فلو كانت بَرِيرة من البرّ لشاركتها في ذلك. وكانت بريرة لناس من الأنصار، كما وقع عند أبي نُعيم. وقيل: لناس من بني هلال. قاله ابن عبد البرّ. ويمكن الجمع. وكانت تخدُم عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - قبل أن تُعتَق، وعاشت إلى خلافة معاوية - رضي اللَّه تعالى عنه -، وتفرّست في عبد الملك بن مروان أنه يلي الخلافة، فبشّرته بذلك، وروى هو ذلك عنها (١) (فَتُعْتِقَهَا) وسبب إرادة عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - عتقها أنها طلبت ذلك منها، كما سيأتي من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كاتبت بريرة على نفسها، بتسع أواق، في كل سنة بأوقية، فأتت عائشة تستعينها، فقالت: لا، إلا أن يشاءوا أن أَعُدَّها لهم عَدَّةً واحدة، ويكون الولاء لي، فذهبت بريرة، فكلمت في ذلك أهلها، فأبوا عليها، إلا أن يكون الولاء لهم، فجاءت إلى عائشة، وجاء رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عند ذلك، فقالت لها: ما قال أهلها، فقالت: لا، ها اللَّه إذا، إلا أن يكون الولاء لي، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ما هذا؟ "، فقالت: يا رسول اللَّه، إن بريرة، أتتني تستعين بي، على كتابتها، فقلت: لا، إلا أن يشاءوا أن أعدها لهم، عَدَّة واحدة، ويكون الولاء لي، فذَكَرَتْ ذلك لأهلها، فأبوا عليها، إلا أن يكون الولاء لهم، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ابتاعيها، واشترطي لهم الولاء، فإن الولاء لمن أعتق" .... " الحديث.

(وَإِنَّهُمُ اشْتَرَطُوا وَلَاءَهَا) أي وافقوا على بيعها، لكن بشرط أن يكون ولاء بريرة لهم، لا لعائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - (فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) وفي رواية هشام، عن أبيه: "فسمع بذلك رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فسألني، فأخبرته". وفي رواية مالك، عن هشام: "فجاءت من عندهم، ورسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - جالسٌ، فقالت: إني عرضت عليهم، فأبوا، فسمع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -". وفي رواية أيمن: "فسمع بذلك النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أو بلغه". زاد في


(١) - راجع "الفتح" ج ٥ ص ٤٩٨ - ٤٩٩.