للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ربيعة، عن ثور بن يزيد، قال: من أم هذا البيت، ولم يكن فيه ثلاث خصال، لم يَسلَم له حجه، من لم يكن له حلم يضبط به جهله، ووَرَعٌ عما حرّم اللَّه عليه، وحسن الصحبة لمن صحبه. ثم أخرج بسنده عن جابر - رضي اللَّه تعالى عنه -، قال: سئل رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: ما برّ الحجّ؟، قال: "إطعام الطعام، وطيب الكلام" (١). قال: وذكر ابن شاهين بسنده، قال رجل للحسن: يا أبا سعيد ما الحجّ المبرور؟، قال: أن يدفع زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة انتهى كلام ابن عبد البرّ -رحمه اللَّه تعالى- باختصار (٢).

وقال النوويّ: الأصح الأشهر أن المبرور هو الذي لا يخالطه إثم، مأخوذ من البرّ، وهو الطاعة. وقيل: هو المقبول، ومن علامة القبول أن يرجع خيرًا مما كان، ولا يعاود المعاصي. وقيل: هو الذي لا رياء فيه. وقيل: هو الذي لا يعقبه معصية، وهما داخلان فيما قبلهما انتهى (٣).

وقال الحافظ في "الفتح": قال ابن خالويه: المبرور المقبول. وقال غيره: الذي لا يخالطه شيء من الإثم. ورجّحه النوويّ. وقال القرطبيّ: الأقوال التي ذكرت في تفسيره متقاربة المعنى، وهي أنه الحجّ الذي وُفِّيَت أحكامه، ووقع موقعًا لما طُلب من المكلف على الوجه الأكمل. وقيل: إنه يظهر بآخره، فإن رجع خيرًا مما كان عُرف أنه مبرور. ولأحمد، والحاكم من حديث جابر: قالوا: يا رسول اللَّه ما برّ الحجّ؟ قال: "إطعام الطعام، وإفشاء السلام". وفي إسناده ضعف، فلو ثبت لكان هو المتعيّن، دون غيره انتهى كلام الحافظ بتصرّف يسير (٤).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحديث المذكور قال الحاكم: صحيح الإسناد، وقال الذهبيّ: صحيح. وحسّن سنده المنذريّ في "الترغيب" والهيثميّ في "مجمع الزوائد". لكن الحقّ تضعيفه كما قال الحافظ؛ لأن في سند أحمد محمد بن ثابت مجمع على ضعفه (٥)، وفي سند الحاكم أيوب بن سويد، ضعّفه الجمهور، بل قال ابن معين: يسرق الأحاديث (٦). واللَّه تعالى أعلم.

وقال ابن العربيّ: الحجّ المبرور هو الذي لا معصية بعده. قال الأبيّ: وهو الظاهر؛


(١) - قال الحافظ الهيثميّ في "مجمع الزوائد" ج ٣ ص ٢٠٧: رواه الطبرانيّ في "الأوسط"، بإسناده حسن، وسيأتي تعقبه قريبًا.
(٢) - راجع "الاستذكار" ج ١١ ص ٢٣٠ - ٢٣٥.
(٣) - "شرح مسلم" ج ٩ ص ١٢٢.
(٤) - "فتح" ج ٤ ص ١٥٧.
(٥) - راجع ترجمته في "تهذيب التهذيب" ج ٣ ص ٥٢٤ - ٥٢٥.
(٦) - انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" ج ١ ص ٢٠٤ - ٢٠٥.