للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيها، يحسن التأسّي بها على كلّ حال، وجميل (١) الارتداف بالجليل من الرجال.

(ومنها): تواضع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - (ومنها): منزلة الفضل بن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - عند النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. (ومنها): منع النظر إلى الأجنبيّات، وغضّ البصر. قال القاضي عياض -رحمه اللَّه تعالى-: وزعم بعضهم أنه غير واجب إلا عند خشية الفتنة. قال: وعندي أن فعله - صلى اللَّه عليه وسلم - إذ غطّى وجه الفضل أبلغ من القول، ثم قال: لعلّ الفضل لم ينظر نظرًا ينكر، بل خشي عليه أن يؤول إلى ذلك، أو كان قبل نزل الأمر بإدناء الجلابيب. ويؤخذ منه التفريق بين الرجال والنساء في خشية الفتنة (ومنها): بيان ما ركّب في الآدميين من شهوات النساء في الرجال، والرجال في النساء، وما يُخاف من النظر إليهنّ، وكان الفضل من أجمل الشبّان في زمانه.

(ومنها): أن فيه الردّ على من زعم أن صوت المرأة عورة، فيجوز سماع صوت المرأة الأجنبيّة للأجانب، والاستماع إلى كلامها في الاستفتاء عن العلم، وإفتائها لمن سألها, وعلى هذا جرى الأمر من لدن العهد النبويّ، فكان الصحابة - رضي اللَّه عنهم - يستفتون أمهات المؤمنين، ويسألونهنَّ عن أحاديث رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وكذلك يسألون الصحابيّات، وكانت النساء تترافع في الحكم إلى القضاة، ويستفتين العلماء، ويقع لهنّ التعامل بالبيع والشراء، ونحو ذلك، ولم يُنقل في ذلك إنكار عن أحد ممن يعتبر قوله، فالقول بأن صوت المرأة عورة قول مخالف للأدلّة الشرعية. فليتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.

(ومنها): أن على العالم، والإمام أن يغيّر من المنكر كلّ ما يمكنه بحسب ما يقدر عليه إذا رآه، وليس عليه ذلك فيما غاب عنه.

(ومنها): أنه يجب على الإمام أن يَحُول بين الرجال والنساء اللواتي لا يؤمن عليهنّ، ولا منهنّ الفتنة، ومن الخروج، والمشي منهنّ في الحواضر والأسواق، وحيث ينظرن إلى الرجال، وينظر إليهنّ. قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء" (٢).

(ومنها): ما قيل: إن فيه دليلاً على أن إحرام المرأة في وجهها، فتكشفه في الإحرام. ورَوَى أحمد، وابن خزيمة من وجه آخر عن ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - أنّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال للفضل حين غطّى وجهه يوم عرفة: "هذا يوم من ملك فيه سمعه، وبصره، ولسانه غُفر له".

قال الحافظ أبو عمر -رحمه اللَّه تعالى-: وقد زعم بعض أصحابنا أن في هذا الحديث


(١) هكذا نسخة "الاستذكار" جـ ١٢ص ٥٦ ولعل الأولى "ويَجْمُلُ الارتدافُ إلخ". واللَّه تعالى أعلم.
(٢) - متفق عليه.