للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان ميقات أهل المدينة. (ومنها): أنه لا يجوز لأحد يريد مكة للحج والعمرة أن يتجاوز هذه المواقيت إلا متلبّسًا بالإحرام منها. (ومنها): أنه لا يجوز لأحد أن ينشىء الإحرام قبل هذه المواقيت، حيث إن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - حدّها له، فلذا لا يرى بعض المحققين، كالبخاريّ، جواز الإحرام قبلها أصلاً، وهو الأرجح عندي؛ لظواهر النصوص، وسيأتي تحقيق ذلك في المسألة التالية، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): أن في التحديد المذكور تعظيم شأن هذا البيت، وتشريفه بجعل هذا الْحِمَى الذي لا يتجاوزه حاجّ، أو معتمر، حتى يأتي بهذه الهيئة، خاشعًا للَّه تعالى، معظّمًا لشعائره، ومحارمه. (ومنها): أن في تعدّد هذا التحديد رحمةً من اللَّه تعالى بخلقه، وتسهيلاً لهم، إذ لو كان الميقات واحدًا لجميع البلدان لشقّ ذلك على مريدي النسك. (ومنها): أن فيه عَلَمًا من أعلام النبوّة، حيث حدّد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - هذه المواقيت قبل إسلام أهلها؛ إشارة إلى أنهم سيدخلون في الإسلام، وأنهم سيحجّون، فيضطرّون إلى مواقيت ينشؤون منها الإحرام، فجاء الأمر كما أشار إليه - صلى اللَّه عليه وسلم -. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم تقديم الإحرام على المواقيت المذكورة:

ذهب الجمهور إلى أن تقديم الإحرام على هذه المواقيت جائز، وإن كان خلاف الأولى، بل ادّعَى ابن المنذر وغيره الإجماع على ذلك، ولكن يردّه وجود الخلاف فيه، كما سيأتي.

وذهبت طائفة إلى أن التقديم لا يجوز، نقل ذلك عن إسحاق، وداود، وابن حزم، وغيرهم، وهو مذهب البخاريّ.

قال الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه": "باب فرض مواقيت الحجّ والعمرة".

١٥٢٢ - حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا زُهير، قال: حدثني زيد بن جُبَير، أنه أتى عبد اللَّه بن عمر - رضي اللَّه عنهما - في منزله، وله فُسطاط، وسُرادق، فسألتُهُ من أين يجوز أن أعتمر؟، قال: "فرضها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، لأهل نجد قرنا, ولأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشأم الجحفة".

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: ومعنى فرض: قدّر، وأوجب، وهو ظاهر نصّ المصنّف، وأنه لا يُجيز الإحرام بالحجّ والعمرة من قبل الميقات، ويزيد ذلك وضوحًا