للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جريج حدثتني حفصة انتهى كلام وليّ الدين (١).

وقال في "الفتح": ولم يقع في رواية مسلم قوله: "بعمرة"، وذكر ابن عبد البرّ أن أصحاب مالك ذكرها بعضهم، وحذفها بعضهم.

واستُشكل كيف حلّوا بعمرة مع قولها: "ولم تحلّ من عمرتك"؟.

والجواب أن المراد بقولها: "بعمرة" أي إن إحرامهم بعمرة كان سببًا لسرعة حلّهم. انتهى (٢).

وقال وليّ الدين: [إن قلت]: ما معنى قوله: "بعمرة"، وكيف يلتئم هذا مع قوله بعده: "من عمرتك"، كيف يحلّ بعمرة، ويحلّ منها؟.

[قلت]: الصحابة - رضي اللَّه عنهم - حلّوا بعمرة، فإنهم فسخوا الحجّ إليها، فأتوا بأعمالها، وتحلّلوا منها, ولولا ذلك لاستمرّوا على الإحرام، حتى يأتوا بأعمال الحجّ، فكان إحرامهم بعمرة سبباً لسرعة حلّهم، وأما هو - صلى اللَّه عليه وسلم -، فإنه أدخل العمرة على الحجّ، فلم يُفده الإحرام بالعمرة سرعةَ الإحلال؛ لبقائه على الحجّ، فشارك الصحابة في الإحرام بالعمرة، وفارقهم ببقائه على الحجّ، وفسخهم له، وهذا الذي ذكرته من إدخاله العمرة على الحجّ هو المعتمد. وعكس الخطابيّ ذلك، فقال في الكلام على هذا الحديث: هذا يُبيّن لك أنه كانت هناك عمرة، ولكنه أدخل عليها الحجّ، فصار قارنًا. ثم حكى الاتفاق على جواز إدخال الحجّ على العمرة قبل الطواف، والخلاف في إدخالها على الحجّ، منعه مالك، والشافعيّ، وأجازه أصحاب الرأي. هذا كلامه.

ومن يمنع إدخال العمرة على الحجّ يُجيب عن هذا الحديث على ما قرّرته أولاً بأن هذا من خصوصيّات هذه الحجّة، فقد وقعت فيها أمورٌ غريبة. واللَّه أعلم انتهى كلام وليّ الدين (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: منع إدخال العمرة على الحجّ بعد صحته منه - صلى اللَّه عليه وسلم - لا وجه له، وسيأتي تحقيق القول فيه، إن شاء اللَّه تعالى.

(وَلَمْ تحِلَّ مِنْ عُمْرَتِكَ؟) يجوز في "تحلّ"، وفي قوله الآتي: "فلا أحلّ" فتح أوّله، وضمّه، على أنه ثلاثيّ، ورباعيّ، وهما لغتان فيه، والفتح أوفق لقولها: "حَلُّوا". قاله وليّ الدين (٤). وفي "المصباح": وحلّ المحرمُ حِلاًّ بالكسر: خرج من إحرامه، وأحلّ


(١) - "طرح التثريب" ٥/ ٣٦ - ٣٧.
(٢) - "فتح" ٤/ ٢١٤.
(٣) - "طرح التثريب" ٥/ ٣٨.
(٤) - "طرح التثريب" ٥/ ٣٩.