للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العمرة. والواو لمطلق الجمع؛ لأن الجعل مقدّم على الخروج؛ لأن المراد من الجعل الفسخ، وهو أن يفسخ نيّة الحجّ، ويقطع أفعاله، ويجعل إحرامه، وأفعاله للعمرة. أو الواو للععطف التفسيريّ. قاله القاريّ. وفي رواية عطاء، عن جابر: فقال: "أحلّوا من إحرامكم" (١).

(وَقَدِمَ) بكسر الدال، يقال: قدِم البلدَ، من باب تعب، قدومًا: إذا دخلها (عَليٌّ - رضي اللَّه عنه -، مِنَ الْيَمَنِ) وفي رواية عطاء، عن جابر: "فقدم عليّ من سعايته". قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: "السعاية" بكسر السين، قال القاضي عياض: قوله من سعايته: أي من عمله في السعي في الصدقات. قال: وقال بعض علمائنا: الذي في غير هذا الحديث أنه إنما بعث عليًّا - رضي اللَّه عنه - أميرًا، لا عاملاً على الصدقات، إذ لا يجوز استعمال بني هاشم على الصدقات؛ لقوله - صلى اللَّه عليه وسلم - للفضل بن عباس، وعبد المطّلب بن ربيعة حين سألاه ذلك: "إن الصدقة لا تحلّ لمحمد، ولا لآل محمد"، ولم يستعملهما.

قال القاضي: يحتمل أن عليًّا - رضي اللَّه عنه - ولي الصدقات، وغيرها احتسابًا، أو أعطي عمالته عليها من غير الصدقة. قال: وهذا أشبه، لقوله: "من سعايته"، والسعاية تختصّ بالصدقة. هذا كلام القاضي.

قال النوويّ: وهذا الذي قاله حسنٌ، إلا قوله: إن السعاية تختصّ بالعمل على الصدقة، فليس كذلك؛ لأنها تستعمل في مطلق الولاية، وان كان أكثر استعمالها في الولاية على الصدقة. ومما يدلّ لما ذكرته حديث حُذيفة - رضي اللَّه عنه - السابق في "كتاب الإيمان" من "صحيح مسلم"، قال في حديث رفع الأمانة: "ولقد أتى عليّ زمان، وما أبالي أيكم بايعتُ، لئن كان مسلمًا، ليردّنّه عليّ دينه، ولئن كان نصرانيًّا، أو يهوديًّا ليردّنّه عليّ ساعيه". يعني الوالي عليه. واللَّه أعلم انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (٢).

(بَهدْيٍ) متعلّق بـ "قَدِم"، أي اشترى من اليمن، وأتى به إلى مكة، لا أنه أخذه من السعاية على الصدقة؛ لما تقدّم آنفًا أن عُمَالة الصدقة لا تحلّ لأهل البيت (وَسَاقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - مِنَ الْمَدِينَةِ هَدْيًا) وفي حديث عليّ - رضي اللَّه عنه -، قال: "أهدى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مائة بدنة … " الحديث. قال الحافظ: وفيه الندب إلى سوق الهدي من المواقيت، ومن الأماكن البعيدة، وهي من السنن التي أغفلها كثير من الناس انتهى (٣).


(١) - راجع "المرعاة" ٩/ ١١ - ١٢.
(٢) - "شرح مسلم" ٨/ ٣٩٧ - ٣٩٨.
(٣) - "فتح" ٤/ ٣٥٩.