للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وجزم موسى بن عقبة بأنهم كانوا ألفاً وستمائة. وفي حديث سلمة بن الأكوع عند ابن أبي شيبة ألفًا وسبعمائة. وحكى ابن سعد أنهم كانوا ألفًا وخمسمائة وخمسة وعشرين. وهذا إن ثبت تحرير بالغ، ثم وجدته موصولاً عن ابن عباس عند ابن مردويه. وفيه ردّ على ابن دحية حيث زعم أن سبب الاختلاف في عددهم أن الذي ذكر عددهم لم يقصد التحديد، وإنما ذكره بالحدس والتخمين واللَّه أعلم انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- (١).

(حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ، قَلَّدَ الْهَدْيَ) قال الفيّوميّ: تقليد الهدي: هو أن يعلّق بعنق البعير قطعة من جلد ليُعلَم أنه هديٌ، فيكفّ الناس عنه انتهى. وسيأتي ما يقلّد به بعد باب (وَأَشْعَرَ) الهدي، وإشعار الهدي: هو أن يفعل فيه علامة يُعلَم بها أنه هدي.

قال العينيّ: هو في اللغة: الإعلام، مأخوذ من الشعور، وهو العلم بالشيء، من شعر يشعُر، كنصر ينصر. وقال الراغب: الشعر معروف، قال تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا} الآية [النحل: ٨٠] ومنه استعيرت شعرت كذا: أي علمت علمًا في الدقّة، كإصابة الشعر، وسمي الشاعر شاعرًا لفطنته، ودقة معرفته {لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ} الآية [المائدة: ٢] أي ما يُهدى إلى بيت اللَّه، سمي بذلك لأنها تُشعر، أي تعلم بأن تُدمى بشعيرة، أي حديدة انتهى. وفي الشرع: هو أن يشقّ أحد سنامي البدن، وُيطعن فيه حتى يسيل دمها؛ ليُعرف أنها هديٌ، وتتميّز إن خُلطت، وتُعرف إن ضلّت، وَيرتدع عنها السرّاق، ويأكلها الفقراء، إذا ذُبحت في الطريق لخوف الهلاك.

(وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ) وقوله (مُخْتَصَرٌ) خبر لمحذوف: أي هذا الحديث مختصر من الحديث الطويل، وقد ساقه البخاريّ بطوله في "كتاب الشروط، وهو من أطول الأحاديث في البخاريّ، ونصّه:

٢٧٣٤ - حدثني عبد اللَّه بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، قال: أخبرني الزهريّ، قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، ومروان، يُصَدِّق كل واحد منهما، حديث صاحبه، قالا: خرج رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، زَمَنَ الحديبية، حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إن خالد بن الوليد بالغميم، في خيل لقريش، طَليعة، فخذوا ذات اليمين، فواللَّه ما شعر بهم خالد، حتى إذا هُمْ بِقَتَرَة الجيش، فانطلق يركُض، نذيرا لقريش، وسار النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، حتى إذا كان بالثنية التي يُهبَط عليهم منها، بَرَكَت به راحلته، فقال الناس: حَلْ حَلْ، فألَحَّت، فقالوا: خَلأت القَصْوَاء،


(١) - "فتح" ٨/ ٢٠٧ - ٢٠٨. في "كتاب الشروط".