للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(منها): مشروعيّة فتل القلائد (ومنها): استحباب تقليد الهدي، وهو أن يُجعل في عنقه ما يُستدلّ به على أنه هديٌ، وهو متفق عليه في الإبل، والبقر، واختلفوا في تقليد الغنم، وسيأتي تحقيق الخلاف في ٦٩/ ٢٧٨٥ - إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): استحباب بعث الهدي إلى الحرم، وإن لم يسافر معه مرسله، ولا أحرم في تلك السنة.

قال الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-: [فإن قلت]: قولها - رضي اللَّه تعالى عنها -، من رواية مسروق، عنها: "فَتَلت لهدي النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -يعني القلائد- قبل أن يحرم., يقتضي أنه أحرم بعد ذلك، وهذا اللفظ في "صحيح البخاريّ".

[قلت]: يحتمل أن مرادها قبل السنة التي أحرم فيها. ويحتمل أنها أخبرت في هذه الرواية عن حاله في سنة إحرامه. وفي الرواية الأخرى عن حاله في سنة أخرى، ويصرّح بأنه فعل ذلك في السنة التي لم يحرم فيها قولها - رضي اللَّه تعالى عنها - من رواية عمرة، عنها "ثم بعث بها مع أبي (١) "، وهو في "الصحيحين"، والمراد أنه بعث بها مع أبيها، أبي بكر الصدّيق - رضي اللَّه تعالى عنه - في حجته سنة تسع. وفي "الصحيح" أيضًا: "ثم بعث بها إلى البيت، وأقام بالمدينة"، وهي صريحة فيما ذكرناه. واللَّه أعلم. انتهى.

(ومنها): جواز استخدام الإنسان زوجته في فتل القلائد، ونحوه من الخدمة التي تقوم بها المرأة. (ومنها): أنه يستحب إذا أرسل الهدي أن يشعره، ويقلّده من بيته، وأما إذا أخذه معه، فيستحبّ أن يؤخر ذلك إلى الميقات حين يُحرم، كما فعل النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، في عمرة الحدبية، وحجة الوداع. (ومنها): ما قاله وليّ الدين: هذا الذي ذكرناه من استحباب تقليد الهدي إنما رأيت أصحابنا -يعني الشافعيّة- ذكروه في الهدي المتطوع به، والمنذور. وقسم المالكية دماء الحجّ إلى هَدْي، ونسك، وقالوا: إن الهدي جزاء الصيد، وما وجب لنقص في حج، أو عمرة، كدم القران، والتمتع، والفساد، والفوات، وغيرها، وقالوا: إن النسك ما وجب لإلقاء التفث، وطلب الرفاهية من المحظور، المنجبر، وجعلوا التقليد من سنة الهدي. وقال الحنفية: إن التقليد إنما يكون في هدي المتعة، والتطوع، والقران، دون دم الإحصار، والجماع، والجنايات. وفرقوا بينها، بأن الأول دم نسك، وفي التقليد إظهاره، وتشهيره، فيليق به. والثاني فإن سببه الجناية، والستر أليق بها. قالوا: ودم الإحصار جائز، فألحق بها. وذكر ابن حزم هذا التفصيل عن أبي حنيفة، ثم قال: وقال مالك، والشافعيّ: يقلّد كلّ هدي، ويشعر.


(١) - سيأتي في رواية المصنف -رحمه اللَّه تعالى- في ٧٢/ ٢٧٩٣.