للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

-بكسر العين المهملة، وإسكان الهاء- فقيل: هو الصوف. وقيل: الصوف المصبوغ ألوانًا. وزاد في "الفتح": وقيل: هو الأحمر خاصّة.

قال وليّ الدين: وقد ذكر أصحابنا الشافعيّة أن التقليد بالخيوط المفتولة يكون في الغنم، فيقلّدها إما بذلك، وإما بخُرَب القِرَب -بضم الخاء المعجمة- وهي عُراها، وآذانها. وأما الإبل، والبقر، فقالوا: يستحبّ تقليدها بنعلين، من هذه النعال التي تُلبس في الرجلين في الإحرام، ويستحبّ أن يكون لها قيمة، ويتصدّق بهما عند ذبح الهدي.

وقال المالكية: ولو اقتصر على التقليد بنعل واحدة جاز، والأول أفضل. وقال الشافعية: لا تقلد الغنم النعل؛ لثقله عليها، بخلاف الإبل، والبقر، ولم أرهم قالوا: إنه لا تقلد الإبل، والبقر بالخرب، والخيوط، بل استحبّوا أن يكون بالنعال، وسكتوا عما عداها، وهذا الحديث صريح في تقليد الإبل بالخيوط، ولا سيما الرواية: "فتلت قلائد بُدن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ثم أشعرها، وقلّدها" (١)، ومن المعلوم أن الإشعار لا يكون في الغنم، وتناوُل لفظِ البدن للإبل متّفق عليه، وإنما الخلاف في إطلاقه على غيرها، كما تقدّم. واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى- (٢).

وقال في "الفتح": وفيه -يعني قولها: "من عهن"- ردّ على من كره القلائد من الأوبار، واختار أن تكون من نبات الأرض، وهو منقول عن ربيعة، ومالك. وقال ابن التين: لعله أراد أنه الأولى، مع القول بجواز كونها من الصوف. واللَّه تعالى أعلم انتهى (٣).

وقولها: "وما يأتي الرجل من أهله" عطف تفسير لقولها: "ما يأتي الحلال من أهله". ويحتمل أن تكون "من" في الأول بمعنى "في"، أي ما يفعله الحلال، وهو في أهله، من الطيب، واللباس، وغيرهما، وعليه يكون قولها: "وما يأتي الرجل من أهله" من عطف الخاصّ على العامّ.

والحديث متّفقٌ عليه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) - سيأتي للمصنف بعد باب.
(٢) - "طرح التثريب" ٥/ ١٥١ - ١٥٢.
(٣) - "فتح" ٤/ ٣٦٩.