للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأبي هريرة، والزبير بن العوّام، وعائشة، وطلحة بن عبيداللَه، وكعب الأحبار، ومجاهد، وسعيد بن جبير.

واحجّ لهم بحديث أبي قتاد المذكور هنا، وحديث طلحة بن عبيد اللَّه، وحديث البهزيّ الآتيين بعد هذا.

(الثالث): التفصيل بين ما صاده الحلال لأجل المحرم، وما صاده لا لأجله، فيمنع الأول، دون الثاني، وهو مذهب الجمهور، منهم الأئمة الثلاثة: مالك، والشافعيّ، وأحمد، وحكي ذلك عن عثمان بن عفان، وعطاء، وأبي ثور، وإسحاق في رواية. وهذا المذهب هو الراحج، كما يأتي قريبًا.

(الرابع): ما نُقِل عن مالك، وهو التفصيل بين ما صيد للمحرم قبل إحرامه يجوز له الأكل منه، أو بعد إحرامه فلا.

(الخامس): ما نُقل عن عثمان، وهو التفصيل بين ما يصاد لأجله من المحرمين، فيمتنع عليه، ولا يمتنع على محرم آخر.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: أرجح المذاهب عندي هو التفصيل الذي تقدم عن الجمهور، وهو أنه إن صاده الحلال لأجل المحرم، مُنِعَ، وما صاده لا لأجله، لم يُمنَع؛ لأن فيه الجمع بين الأحاديث المختلفة في الباب.

قال في "الفتح": جمع الجمهور بين ما اختلف من هذه الأحاديث، بأن أحاديث القبول محمولة على ما يصيده الحلال لنفسه، ثم يهدي منه للمحرم، وأحاديث الردّ محمولة على ما صاده الحلال لأجل المحرم.

قالوا: والسبب في الاقتصار على الإحرام عند الاعتذار للصعب أن الصيد لا يحرم على المرء إذا صيد له إلا إذا كان محرمًا، فبين الشرط الأصليّ، وسكت عما عداه، فلم يدلّ على نفيه، وقد بيّنه في الأحاديث الأُخر.

قال الحافظ: ويؤيّد هذا الجمع حديث جابر - رضي اللَّه عنه -، الآتي بعد بابين، مرفوعًا: "صَيدُ البرّ لكم حلال ما لم تصيدوه، أو يصاد لكم". أخرجه الترمذيّ، وابن خزيمة، وسيأتي الكلام عليه هناك، إن شاء اللَّه تعالى.

وفي رواية للمصنّف في حديث الصعب - رضي اللَّه عنه - الآتي: "إنا حرم، لا نأكل الصيد"، فبيّن العلتين جميعًا. قاله في "الفتح" (١).

والحاصل أن الأرجح تحريم لحم الصيد للمحرم إذا صاده الحلال له، وجوازه إذا لم يصده له. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) - "فتح" ٤/ ٥٠٥.