للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سألت عنها علماءنا كلهم، حتى سعيد بن المسيّب، فلم يبيّنوا كم عدد المساكين.

قال الحافظ: فيما أطلقه ابن صالح نظر، فقد جاءت هذه السنة من رواية جماعة من الصحابة غير كعب، منهم: عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، عند الطبريّ، والطبرانيّ، وأبو هريرة عند سعيد بن منصور، وابن عمر عند الطبريّ، وفَضَالة الأنصاريّ، عمن لا يتّهَم من قومه، عند الطبريّ أيضًا.

ورواه عن كعب بن عجرة غير المذكورين أبو وائل، عند النسائيّ، ومحمد بن كعب القرظيّ عند ابن ماجه، ويحيى بن جعدة، عند أحمد، وعطاء، عند الطبريّ. وجاء عن أبي قلابة، والشعبيّ أيضًا، عن كعب، وروايتهما عند أحمد، لكن الصواب أن بينهما واسطة، وهو ابن أبي ليلى على الصحيح.

وقد أورد البخاريّ حديث كعب هذا في أربعة أبواب متوالية، وأوردها أيضًا في "المغازي"، و"الطبّ"، و"كفّارات الأيمان" من طرق أخرى، مدار الجميع على ابن أبي ليلى، وابن معقل، فيقيّد إطلاق أحمد بن صالح بالصحة، فإن بقية الطرف التي ذكرتها لا تخلو عن مقال، إلا طريق أبي وائل، وسأذكر ما في هذه الطرق من فائدة زائدة، إن شاء اللَّه تعالى انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: وسأذكر أنا أيضًا في هذا الشرح ما ذكره الحافظ من الفوائد في شرحه، فإن شرحي هذا نسخة من شرحه -رحمه اللَّه تعالى- مع ما يفتح اللَّه تعالى عليّ فيه من غيره، ولذا كثيرًا ما أقول: لولا فتح الباري ثم "فتح الباري" (٢) ما قضيت أوطاري.

(عَنْ كَعْب بْنِ عُجْرَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (أَنَّهُ) فيه تجريد، أو التفات، أو نقل بالمعنى، قالهَ القاري. أي لأن الظاهر أن يقول: إني كنت الخ (كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، مُحْرِمًا) وفي رواية: "وقف عليّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بالحديبية"، وفي أخرى: "أتى عليّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - زمن الحديبية"، وفي أخرى: "أتيت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: ادنه، فدنوت، فقال: ادنه، فدنوت"، وفي أخرى: "حُملت إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ما كنت أرى أن الجهد بلغ منك ما أرى"، وفي أخرى: "أنه خرج مع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - محرما، فقمل رأسه، ولحيته، فبلغ ذلك النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فأرسل إليه، فدعا الحلاّق، فحلق رأسه".

والجمع بين هذا الاختلاف أن يقال: مرّ به أولاً، وهو يوقد تحت قدر، فرآه على تلك الصورة رؤية إجمالية عن بعد يسير، وقال: أتؤذيك هوامّك هذه؟، ولكنه لم يقدر


(١) - "فتح" ٤/ ٤٧٩ - ٤٨٠.
(٢) المراد بفتح الباري الأول ما يفتحه اللَّه تعالى عليّ من الفهم، سواء كان بواسطة، أم بغير واسطة، وبالثاني "شرح صحيح البخاري" للحافظ ابن حجر -رَحِمَهُ اللَّهُ- واللَّه تعالى أعلم.