للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واتسع، وهي التي يقاله لها: المحصّب، والمعرَّس، وحَدُّها ما بين الجبلين إلى المقبرة انتهى (١).

وقال الجوهريّ: الأبطح مسيل واسع، فيه دُقَاق الحصى. وقال ابن سيده: وقيل: بطحاء الوادفا تراب ليّنٌ مما جرّته السيول، وجمعه بَطْحاوات، وبِطَاح. قاله في "اللسان".

(وَخَرَجَ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى") أي التي تلي باب العمرة.

واختلُف في المعنى الذي لأجله خالف النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بين طريقيه، فقيل: ليتبرّك به كلّ من في طريقيه، ويدعو لأهل تينك الطريقين. وقيل: ليُغيظ المنافقين ممن في ذينك الطريقين منهم بإظهار الدين، وإعزاز الإسلام. وقيل: ليرى السعة في ذلك (٢). وقيل: الحكمة في ذلك المناسبة بجهة العلوّ عند الدخول؛ لما فيه من تعظيم المكان، وعكسه الإشارة إلى فراقه. وقيل: لأن إبراهيم - عليه السلام - لما دخل مكة دخل منها. وقيل: لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - خرج منها متخفّيًا في الهجرة، فأراد أن يدخلها ظاهرًا عاليًا. وقيل: لأن من جاء من تلك الجهة كان مستقبلاً للبيت.

ويحتمل أن يكون ذلك لكونه دخل منها يوم الفتح، فاستمرّ على ذلك، والسبب في ذلك قول أبي سفيان بن حرب للعبّاس: لا أسلم حتى أرى الخيل تطلع من كداء، فقلت ما هذا؟ قال: هذا شيء طلع بقلبي، وإن اللَّه لا يُطلع الخيل هناك أبدًا، قال العبّاس: فذكّرتُ أبا سفيان بذلك لما دخل. وللبيهقيّ من حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى - عنهما، قال: قال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لأبي بكر: كيف قال حسّان؟، فأنشده:

عَدِمْتُ بَنيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا … تُثِيرُ النَّقْعَ مَطْلَعُهَا كَدَاءُ

فتبسّم، وقال: ادخلوها من حيث قال حسّان.

[تنبيه]: حكى الحميديّ عن أبي العبّاس العذريّ أن بمكة موضعًا ثالثًا، يقال لها: كُدَيّ، وهو بالضمّ، والتصغير، يُخرج منه إلى جهة اليمن. قال المحبّ الطبريّ: حققه العذريّ عن أهل المعرفة بمكة. قال: وقد بُني عليها باب مكة الذي يدخل منه أهل اليمن انتهى (٣). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) - "فتح" ٤/ ٤٢٣.
(٢) -"المفهم" ٣/ ٣٧١ - ٣٧٢.
(٣) - "فتح" ٤/ ٢٢٨ - ٢٢٩.