للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسالة الثانية): في بيان مواضع ذكره له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١٢١/ ٢٨٩٥ - وفي "الكبرى"١٢١/ ٣٨٧٧. وأخرجه (خ) في "الحج" ١٧٩٨ و"اللباس"٥٩٦٥. واللَّه تعالى أعلم.

(المسالة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو استحباب استقبال الحاجّ عند قدومه للحجّ، أو من الحجّ، والظاهر أن المصنف قاس الحج على ما وقع في الفتح؛ لأن قصة الاستقبال المذكورة في الحديث وقعت في عام الفتح كما سبق بيانه. واللَّه تعالى. (ومنها): جواز الارتداف على الدابة، وإن كانوا ثلاثة، وأما ما ورد من النهي عن ذلك، فلا يصحّ، وعلى تقدير صحته فيحمل على ما إذا لم تطق الدابة ذلك.

أخرج الطبراني في "الأوسط" عن جابر - رضي اللَّه تعالى عنه -: "نهى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يركب ثلاثة على دابّة". وسنده ضعيف. وأخرج الطبرانيّ عن أبي سعيد، رفعه: "لا يركب الدابة فوق اثنين". وفي سنده لين. وأخرج ابن أبى شيبة من مرسل زاذان أنه رأى ثلاثة على بغل، فقال: لينزل أحدكم، فإن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لعن الثالث. ومن طريق أبي بردة، عن أبيه نحوه، ولم يصرّح برفعه. ومن طريق الشعبيّ قوله مثله. ومن حديث المهاجر بن قنفذ أنه لعن فاعل ذلك، وقال: "إنا قد نُهينا أن يركب الثلاثة على الدابة". وسنده ضعيف. وأخرج الطبريّ عن عليّ - رضي اللَّه عنه -، قال: "إذا رأيتم ثلاثة على دابة، فارجموهم حتى ينزل أحدهم".

وعكسه ما أخرجه الطبريّ أيضًا بسند جيد، عن ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - قال: "كان يوم بدر ثلاثة على بعير". وأخرج الطبرانيّ، وابن أبي شيبة أيضًا من طريق الشعبيّ، عن ابن عمر، قال: "ما أبالي أن أكون عاشر عشرة على دابّة، إذا أطاقت حمل ذلك".

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: وبهذا يجمع بين مختلف الحديث في ذلك، فيحمل ما ورد في الزجر عن ذلك على ما إذا كانت الدابّة غير مطيقة، كالحمار مثلاً، وعكسه على عكسه، كالناقة، والبغلة.

قال النوويّ: -رحمه اللَّه تعالى-: مذهبنا، ومذهب العلماء كافّة جواز ركوب ثلاثة على الدابة إذا كانت مطيقة. وحكى القاضي عياض -رحمه اللَّه تعالى- منعه عن بعضهم مطلقًا، وهو فاسد انتهى.

قال الحافظ: لم يصرّح أحد بالجواز مع العجز، ولا بالمنع مع الطاقة، بل المنقول من المطلق في المنع والجواز محمول على المقيّد انتهى (١).


(١) - "فتح" ١١/ ٥٩٨.