للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عائشة، فإنها الحافظة المتقنة، لكنه جرى على ما يُعتاد في كلام العرب من الترديد للتقرير، والتعيين. قلت: هو ما سمع من عائشة بلا واسطة، فيمكن أنه جوّز الخطأ على الواسطة، فشكّ لذلك، على أن خطأ عائشة ممكن. وبالجملة فسماع عائشة عند ابن عمر ليس قطعيًّا، فالتعليق لإفادة ذلك. واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام السنديّ (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قول السنديّ: "على أن خطأ عائشة إلخ فيه نظر، بل الوجه الأول هو التوجيه الوجيه.

والحاصل أن كلام ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا ما خرج مخرج الشك، بل هو للتقرير والتأكيد، فتبصَّر. واللَّه تعالى أعلم.

(سَمِعَتْ، هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، مَا أُرَى) بضم الهمزة: أي ما أظنّ (تَرْكَ اسْتِلَامِ الرُكْنَيْنِ) أي مسحهما، والسين فيه أصليّة، وهو افتعال من السِّلام، وهي الحجارة، يقال: استلم: أي أصاب السِّلَام، وهي الحجارة، كذا ذكره السيوطيّ (٢).

والمراد هنا مسح الركنين باليد، إذ لا يشرع تقبيلهما بالفم، كما يشرع تقبيل الحجر الأسود (اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ) أي يقربان (الْحِجْرَ) بكسر الحاء المهملة، وسكون الجيم، وهو معروف على صفة نصف الدائرة، وقدرها تسع وثلاثون ذراعًا، والقدر الذي أُخرج من الكعبة سيأتي بيان مقداره بعد بابين، إن شاء اللَّه تعالى (إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ) بالبناء للمفعول، من التتميم. وفي "الكبرى": "لمِ يتم" مبنيًا للفاعل، من التمام، أو مبنيًّا للمفعول من الإتمام (عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ - عَليهِ السَّلَام -) أي القواعد الأصلية التي بنى إبراهيم - عليه السلام - البيت عليها.

يعني أن الركنين اللذين يليان الحجر ليسا بركنين، وإنما هما بعض الجدار الذي بنته قريش، فلذلك لم يستلمهما النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، حيث لم يتمّما على الأساس الذي بنى عليه إبراهيم - عليه السلام - البيت. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا متّفق عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١٢٥/ ٢٩٠١ و ٢٩٠٢ و٢٩٠٣ و ٢٩٠٤ و ١٢٨/ ٢٩١١ و ٢٩١٢


(١) - "شرح السندي" ٥/ ٢١٤ - ٢١٥.
(٢) - "زهر الربى" ٥/ ٢١٥.