للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) - رضي اللَّه تعالى عنهما -، أنه (قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ، قَالَ الْمُشرِكُونَ: وَهَنَتْهُمْ) بتخفيف الهاء، وتشديدها، ويقال: أوهن بالهمز: أي أضعفهتم (حُمَّى يَثْرِبَ) -بفتح الياء التحتيّة، وسكون الثاء المثلّثة، وكسر الراء، آخره باء موحّدة-، غير منصرف: اسم مدينة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في الجاهليّة، نهى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - عن تسميتها بذلك، وإنما ذكر ابن عباس ذلك حكاية لكلام المشركين (وَلَقُوا مِنْهَا شَرًّا، فَأَطْلَعَ) بقطع الهمزة، رباعيًا، أي أعلم (اللَّهُ نَبِيَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- عَلَى ذَلِكَ) أي ما تكلّم به المشركون فيما بينهم (فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَرْمُلُوا) بضم الميم، من باب نصر، وهو في موضع المفعول الثاني لـ"أمر أصحابه"، يقال: أمرته كذا، وأمرته بكذا، يعني أمرهم بأن يسرعوا ما بين الركنين الشامي والعراقيّ (وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكنَيْنِ) أي اليمانين، وعند أبي داود من وجه آخر: "وكانوا إذا تواروا عن قريش بين الركنين مشَوْا،

وإذا طلعوا عليهم رَمَلُوا".

زاد في رواية الشيخين: "ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرمُلُوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم".

وقوله: "الأشواط" بفتح الهمزة، بعدها معجمة، جمع شوط، بفتح، فسكون: وهو الجري مرّة إلى الغاية، والمراد به هنا الطوفة حول الكعبة. وقوله: "إلا الإبقاء" بكسر الهمزة، وبالموحّدة، والقاف: الرفق، والشفقة، وهو بالرفع على أنه فاعل "لم يمنعه"، ويجوز النصب. قاله في "الفتح" (١).

وفي رواية للبخاريّ من طريق عطاء عن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -، قال: "إنما سعى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بالبيت، وبين الصفا والمروة؛ ليري المشركين قوّته". وفيه بيان أن علة السعي بين الصفا والمروة هي علة الرمل في الطواف بالبيت.

وروى ابن خزيمة، والفاكهيّ من طريق أبي الطفيل، قال: سألت ابن عباس عن السعي؟ فقال: "لَمّا بعث اللَّه جبريل إلى إبراهيم - عليه السلام - ليريه المناسك، عرض له الشيطان بين الصفا والمروة، فأمر اللَّه أن يُجيز الوادي، قال ابن عباس: فكانت سنة".

وفي "كتاب الأنبياء" من "صحيح البخاري" أن ابتداء ذلك كان من هاجر. وروى الفاكهيّ بإسناد حسن عن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -، قال: "هذا ما أورثتكموه أم إسماعيل".


(١) - "فتح" ٤/ ٢٦٩.