للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "محمد بن حاتم": هو ابن نعيم المروزيّ الثقة [١٢] ٦٦/ ١٨٠٠. و"سُويد": هو ابن نصر المروزيّ الثقة. و"عبد اللَّه": هو ابن المبارك الإمام المشهور. و"يونس": هو ابن يزيد الأيليّ.

والحديث متفق عليه، وقد تقدّم في -١٦/ ٢٦٥٠ - تمام البحث فيه، وبقي البحث فيما يتعلّق بما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان مذاهب أهل العلم في حكم من أهلّ بعمرة، وساق الهدي.

قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- في "شرح مسلم " -بعد أن أورد الحديث-: ما نصّه: هذا الحديث ظاهر في الدلالة لمذهب أبي حنيفة، وأحمد، وموافقهما في أن المعتمر المتمتّع إذا كان معه هديٌ لا يتحلّل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر. ومذهب مالك، والشافعيّ، وموافقهما أنه إذا طاف وسعى وحلق، حلّ من عمرته، وحلّ له كلّ شيء في الحال، سواء كان ساق هديًا، أم لا، واحتجّوا بالقياس على من لم يسق الهدي، وبأنه تحلّل من نسكه، فوجب أن يحلّ له كلّ شيء، كما لو تحلّل المحرم بالحجّ، وأجابوا عن هذه الرواية بأنها مختصرة من الروايات التي ذكرها مسلم بعدها، والتي ذكرها قبلها عن عائشة، قالت: خرجنا مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عام حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من كان معه هديٌ، فليُهلل بالحجّ مع العمرة، ثم لا يحلّ حتى يحلّ منهما جميعًا"، فهذه الرواية مفسرة للمحذوف من الرواية الأخرى التي احتجّ بها أبو حنيفة، وتقديرها: ومن أحرم بعمرة، وأهدى، فليهلل بالحج، ولا يحلّ حتى ينحر هديه، ولا بدّ من هذا التأويل، لأن القضيّة واحدة، والراوي واحد، فيتعيّن الجمع بين الروايتين على ما ذكرنا. واللَّه أعلم انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-. (١)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الظاهر من صنيع المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- أنه يرى ترجيح ما ذهب إليه أبو حنيفة، وأحمد، وهو الظاهر، وأما ما قاله النوويّ، فقال فيه الشوكانيّ -رحمه اللَّه تعالى-: لا يخفى ما فيه من التعسّف (٢).

والحاصل أن الراجح هو المذهب الأول؛ لموافقته لظاهر حديث الباب، دون تعسّف. واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: "ومن أهلّ بحجة، فلم يُتم حجه" هذا بظاهره يقتضي أنه ما أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة، بل أمرهم بالبقاء عليه، مع أن الصحيح الثابت برواية أربعة عشر من


(١) - "شرح صحيح مسلم" ٨/ ٣٧٩ - ٣٨٠.
(٢) - راجع "نيل الأوطار" ٥/ ٥٨.