للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أجمعوا على أن من تركه لا يلزمه شيء، إلا الثوريّ، فقال: يُطعم، وإن جبره بدم أحبّ إليّ. قاله في "الفتح" (١). (ومنها): أن الرمي يكون بسبع حصيات، لا بأقلّ من ذلك، كما تقدّم البحث عنه قبل بابين. (ومنها): استحباب استقبال القبلة بعد الرمي، والقيام طويلاً، وقد وقع تفسيره، فيما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عطاء: "كان ابن عمر يقوم عند الجمرتين مقدار ما يقرأ سورة البقرة" (٢).

وكان ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - يقف عندها قدر قراءة سورة البقرة مرّتين. وعن ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -، أنه كان يقف قدر قراءة سورة البقرة عند الجمرتين. وعن أبي مِجلز، قال: كان ابن عمر يشبُر ظله ثلاثة أشبار، ثم يرمي، وقام عند الجمرتين قدر قراءة سورة يوسف. وكان ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - يقف بقدر قراءة سورة من المئين. (٣).

(ومنها): استحباب التباعد عن موضع الرمي عند القيام للدعاء، حتى لا يُصيبه رمي غيره. (ومنها): استحباب رفع اليدين في حال الدعاء. (ومنها): ترك الدعاء، والقيام عند جمرة العقبة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: قال ابن قدامة -رحمه اللَّه تعالى-: لا نعلم لما تضمّنه حديث ابن عمر هذا مخالفًا، إلا ما روي عن مالك من ترك رفع اليدين عند الدعاء بعد رمي الجمار، فقال ابن المنذر: لا أعلم أحدًا أنكر رفع اليدين في الدعاء عند الجمرتين، إلا ما حكاه ابن القاسم، عن مالك انتهى.

وردّه ابن الْمُنَيّر بأن الرفع لو كان هنا سنّة ثابتةً ما خفي عن أهل المدينة. قال الحافظ: -رحمه اللَّه تعالى-: وغفل -رحمه اللَّه تعالى- عن أن الذي رواه من أعلم أهل المدينة، من الصحابة في زمانه، وابنه سالم أحد الفقهاء السبعة، من أهل المدينة، والراوي عنه ابن شهاب عالم المدينة، ثم الشام في زمانه، فمَنْ علماء المدينة إن لم يكونوا هؤلاء؟ واللَّه المستعان. انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-، وهو تعقبٌ جميل، وردّ نبيل (٤). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) - "فتح" ٤/ ٤١٥.
(٢) - راجع "الفتح" ٤/ ٤١٥.
(٣) - راجع "عمدة القاري" ٨/ ٢٦٣.
(٤) - "فتح" ٤/ ٤١٥.