للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فاحتاط مسلم -رحمه اللَّه تعالى-، فلم يذكر في روايته عبد الرحمن، وعبد اللَّه، كما رواه ابن وهب، بل اقتصر على "عبد الرحمن"، ولم ينسبه؛ لأن ابن وهب لم ينسبه، وأراد مسلم تعريفه، فقال: قال غير ابن وهب: هو عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب، فحصل تعريفه من غير إضافة للتعريف إلى ابن وهب، وحذف مسلم ذكر "عبد اللَّه" من رواية ابن وهب، وهذا جائزٌ، فقد اتفق العلماء على أنه إذا كان الحديث عن رجلين، كان له حذف أحدهما، والاقتصار على الآخر، فأجازوا هذا الكلام إذا لم يكن عذر، فإذا كان عذرٌ، بأن ذُكر ذلك المحذوف غلطًا، كما في هذه الصورة، كان الجواز أولى انتهى كلام النوويّ (١).

وهذا الذي قاله النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- قاله غيره أيضًا، فقال قبله القاضي عياض، نقلاً عن المازريّ -رحمهما اللَّه تعالى-: ما نصّه: قال بعضهم: كان ابن وهب يَهِم في إسناد هذا الحديث، فيقول: "عن الزهريّ، عن عبد الرحمن، وعبد اللَّه ابني كعب بن مالك"، فغيّره مسلم، وأصلحه؛ ولذلك قال: ونسبه غير ابن وهب. قال: هكذا قال أحمد بن صالح وغيره: عن ابن وهب. وقال الدارقطنيّ: خالف ابنَ وهب في هذا القاسم بن مبرور، ورواه عن يونس، عن الزهريّ، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب، قال: وهو الصواب.

وقال بعضهم: وقد نبّه أبو داود في "كتاب السنن" على وَهَم ابن وهب في هذا الإسناد، وكذلك فعل أبو عبد الرحمن النسائيّ، وذكر الصواب في ذلك انتهى كلام القاضي (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: خلاصة القول أن الصواب في هذا الإسناد: "عن ابن شهاب، أخبرني عبدُ الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك، أن سلمة بن الأكوع قال: لما كان يوم خيبر … الخ.

ثم إن هذا الذي نُسب إلى النسائيّ من الكلام على هذا السند لم أجده في "المجتبى"، ولا في "الكبرى"، فاللَّه تعالى أعلم.

(أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ) تقدّم أنه سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلميّ، نُسب لجدّه - رضي اللَّه عنه - (قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ) "كان" تامّة، و"يوم" بالرفع فاعل، أي لما جاء يوم خيبر (قَاتَلَ أَخِي) هو عامر بن سنان بن عبد اللَّه بن قُشَير الأسلميّ المعروف بابن الأكوع، واسم الأكوع سِنَان.


(١) - "شرح صحيح مسلم" ١٢/ ٣٧٨ - ٣٧٩.
(٢) - "إكمال المعلم بفوائد مسلم" ٦/ ١٨٥ - ١٨٦.