للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أهل قبرس، وسمّى امرأته كَبْرَةَ -بفتح الكاف، وسكون الموحّدة- وقيل: فاختة بنت قرظة، وهما أختان كان معاوية تزوّجهما واحدة بعد أخرى. ومن طريق ابن وهب، عن ابن لهيعة أن معاوية غزا بامرأته إلى قبرس في خلافة عثمان، فصالحهم. ومن طريق أبي معشر المدنيّ أن ذلك كان في سنة ثلاث وثلاثين.

فتحصّلنا على ثلاثة أقوال، والأول أصحّ، وكلها في خلافة عثمان أيضًا؛ لأنه قتل في آخر سنة خمس وثلاثين انتهى (١).

(فَصُرِعَتْ) على بناء المبنيّ للمفعول: أي أُسقطت حين خرجت إلى البرّ من البحر. وفي رواية الليث: "فلما انصرفوا من غزوهم قافلين إلى الشام قُرّبت إليها دابّتها لتركبها، فصُرعت، فماتت". وفي رواية حماد بن زيد عند أحمد: "فوقصتها بغلة لها شهباء، فوقعت، فماتت". وفي رواية عنه عند البخاريّ: "فوقعت، فاندقّت عنُقها".

(عَنْ دَابَّتِهَا) ظاهره أنها سقطت عن ظهر الدابّة، ولا يعارض هذا رواية: "فقرّبت إليها دابّتها، فصرعتها، فماتت"، الدالّة على أن صرعها قبل ركوبها، لأنه يحمل على أن المعنى فقربت إليها دابتها لتركبها، فركبتها، فصُرعت، كما هو صريح الرواية التالية، ولفظها: قُدّمت لها بغلة، فركبتها، فصرعتها، فدقّت عنقها". ويحتمل أن يكون معنى "فركبتها"، فشرعت في ركوبها، فسقطت، فماتت (حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ، فَهَلَكَتْ) قال في "الفتح": وظاهر رواية الليث أن وقعتها كانت بساحل الشام لَمّا خرجت من البحر بعد رجوعهم من غَزَاة قبرس. لكن أخرج ابن أبي عاصم في "كتاب الجهاد" عن هشام بن عمّار، عن يحيى بن حمزة، وفيه: "وعبادة نازل بساحل حمص قال هشام ابن عمّار: رأيت قبرها بساحل حمص. وجزم جماعة بأن قبرها بجزيرة قبرس، فقال ابن حبّان بعد أن أخرج الحديث من طريق الليث بن سعد بسنده: "قبر أم حرام بجزيرة في بحر الروم، يقال لها: قبرس، بين بلاد المسلمين وبينها ثلاثة أيام". وجزم ابن عبد البرّ بأنها حين خرجت من البحر إلى جزيرة قبرس قرّبت إليها دابّتها، فصرعتها. وأخرج الطبريّ من طريق الواقديّ أن معاوية صالحهم بعد فتحها على سبعة آلاف دينار في كلّ سنة، فلما أرادوا الخروج منها قرّبت لأم حرام دابّة لتركبها، فسقطت، فماتت فقبرها هناك، يستسقون به (٢)، ويقولون قبر المرأة الصالحة، فعلى هذا فلعلّ مراد هشام بن عمار بقوله: "رأيت قبرها بالساحل"، أي بساحل جزيرة قبرس، فكأنه توجّه إلى قبرس


(١) - "فتح" ١٢/ ٣٤٧ - ٣٤٨.
(٢) - ليس الاستسقاء عند القبر مما أنزل اللَّه به من سلطان، بل هو من البدع المحدثة، أحدثه الناس الجاهلون بالسنة، والبعيدون عنها، فتنبّه.