للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الغزاليّ في "الإحياء": اختلف في المراد بقوله: "شيئًا"، فقيل: عَمَشٌ. وقيل: صغرٌ. قال الحافظ: الثاني وقع في رواية أبي عوانة في "مستخرجه"، فهو المعتمد انتهى (١).

وزاد مسلم من رواية يحيى بن معين، عن مروان بن معاوية: قال: قد نظرتُ إليها، قال: "على كم تزوّجتها؟ "، قال: على أربع أواقٍ، فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "على أربع أواق؟، كأنما تَنْحتون الفضّة من عُرْض هذا الجبل، ما عندنا ما نُعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بعثٍ، تُصيب منه"، قال: فبعث بعثًا إلى بني عبس، بعث ذلك الرجل فيهم.

وقوله: "من عُرض الخ" العرض -بضم المهملة، فسكون الراء-: هو الجانب والناحية. و"تنحتون" -بكسر الحاء المهملة-: أي تقطعون.

ومعنى هذا الكلام: كراهة إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج (٢).

وقال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: وهذا الإنكار منه - صلى اللَّه عليه وسلم - على هذا الرجل المتزوّج على أربعة أواق ليس إنكارًا لأجل المغالاة، والإكثار في المهر، فإنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قد أصدق نساءه خمسمائة درهم، وأربعةُ أواق مائة وستّون درهمًا، وإنما أنكر بالنسبة إلى حال الرجل، فإنه كان فقيرًا في تلك الحال، فأدخل نفسه في مشقّة تَعَرَّضَ للسؤال بسببها، ولذلك قال له: "ما عندنا ما نعطيك"، ثم إن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بكرم أخلاقه، ورأفته، ورحمته جبر منكسر قلبه بقوله: "ولكن عسى أن نبعثك في بعث، فتُصيب منه". يعني سريّةً في الغزو، فبعثه، فأصاب حاجته ببركة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - انتهى (٣).

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-١٧/ ٣٢٣٥، و ٢٣/ ٣٢٤٧ و ٣٢٤٨ - وفي "الكبرى" ١٧/ ٥٣٤٥ و ١٨/ ٥٣٤٧ و ٥٣٤٨. وأخرجه (م) في "النكاح" ١٤٢٤ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ٧٧٨٣ و ٧٩١٩. واللَّه تعالى أعلم.


(١) - "فتح" ١٠/ ٢٢٧.
(٢) - "شرح النوويّ على مسلم ٩/ ٢١٣ - ٢١٤.
(٣) - "المفهم" ٤/ ١٢٦ - ١٢٧.