للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

استُحبّ له أن يبعث امرأةَ يَثِق بها تنظر إليها، وتخبره، ويكون ذلك قبل الخطبة؛ لما ذكرناه انتهى كلام النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: يؤيّد ما قالوه: ما أخرجه أحمد، والطبرانيّ، والحاكم، والبيهقيّ من حديث أنس - رضي اللَّه عنه -: أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - بعث أمّ سُليم إلى امرأة، فقال: "انظري إلى عرقوبها، وشُمّي عوارضها"، ولفظ الطبرانيّ: "وشُمِّي معاطفها". واستنكره أحمد، والمشهور فيه طريق عُمارة، عن ثابت، عنه. ورواه أبو داود في "المراسيل" عن موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن ثابت. ووصله الحاكم من هذا الوجه بذكر أنس فيه، وتعقّبه البيهقيّ بأن ذكر أنس فيه وَهَم. قال: ورواه أبو النعمان، عن حماد مرسلاً، قال: ورواه محمد بن كثير الصنعانيّ، عن حماد موصولاً. قاله الحافظ في "التلخيص" (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: يتبيّن مما ذُكر أن الأرجح في الحديث الإرسال. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(فائدة): روى عبد الرزّاق في "الأمالي" -٢/ ٤٦/١ - بسند صحيح، عن ابن طاوس، قال: أردت أن أتزوّج امرأةً، فقال لي أبي: اذهب، فانظر إليها، فذهبت، فغلست رأسي، وترجّلت، ولبست من صالح ثيابي، فلما رآني في تلك الهيئة قال: لا تذهب انتهى (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الظاهر أن منع طاوس لابنه أن يذهب متزيّنًا خشية أن تغترّ المرأة بذلك، فتقع في الندم. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[فائدة آخرى]: كتب الشيخ الألباني حفظه تعالى كلامًا نفيسًا مهما، قال في "السلسلة الصحيحة" -١/ ١٥٨ - بعد تخريجه أحاديث الباب: ما نصّه:

هذا: ومع صحّة الأحاديث في هذه المسألة، وقول جماهير العلماء بها -على الخلاف السابق- فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخّرة عن العمل بها، فإنهم لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم -ولو في حدود القول الضيّق- تورّعًا منهم- زعموا-، ومن عجائب الورع البارد أن بعضهم يأذن لابنته بالخروج إلى الشارع سافرةً بغير حجاب شرعيّ، ثم يأبى أن يراها الخاطب في دارها، وبين أهلها بثياب الشرع.

وفي مقابل هؤلاء بعض الآباء المستهترين الذين لا يَغارون على بناتهم، تقليدًا منهم


(١) - "شرح مسلم" ٩/ ٢١٤.
(٢) - "التلخيص الحبير" ٣/ ٣٠٧.
(٣) - راجع "السلسلة الصحيحة" للألبانيّ ١/ ١٥٤ تحت ٩٨.