للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مرسلًا، لم يقولوا: "عن أبيه". قال ابن عبد البرّ: وابن وهب من أجلّ من روى عن مالك هذا الشأن، وأثبتهم فيه، قال: فالحديث مسندٌ متّصلٌ صحيح، وتابع ابن وهب على روايته عن مالك متّصلًا إبراهيم بن طهمان، رواه النسائيّ في "مسند مالك"، وعُبيد اللَّه بن عبد المجيد الحنفيّ. قال: وذكره أيضًا سحنون، عن ابن وهب، وابن القاسم، وعليّ بن زياد، كلهم عن مالك، وفيه "عن أبيه" (١).

قال الحافظ العراقيّ في "شرح الترمذيّ": وكذا رواه القعنبيّ عن مالك متّصلًا. رواه الطبرانيّ في "معجمه الكبير" عن عبد العزيز، عن القعنبيّ انتهى.

قال وليّ الدين: وهذا الذي ذكرته من أنها تميمة بنت وهب، هو الذي ذكره ابن بشكوال في "مبهماته". وقال ابن طاهر في "مبهماته": هي أميمة بنت الحارث، كما روي عن ابن عبّاس. وقيل: تميمة بنت أبي عُبيد القرظيّة، روي عن قتادة. وفي حديث عائشة "تميمة بن وهب". انتهى (٢).

(إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - فَقَالَتْ: إِنَّ رفَاعَةَ طَلَّقَني، فَأَبَتَّ طَلَاقِي) أي طلّقني ثلاثًا. يقال: بتّ الرجل طلاق امرأته، وأبتها بالألف: إذا قطعها عن الرجعة. قال الفيّوميّ: بَتَّهُ بَتًّا، من باب ضرب، وقتل: قطعه. وبتّ الرجل طلاق امرأته، فهي مبتوتةً، والأصلُ مبتوتٌ طلاقها، وطلّقها طَلْقةً بَتَّةً، وبَتَّها بَتَّةً: إذا قطعها عن الرجعة، وأبتّ طلاقها بالألف لغةٌ. قال الأزهريّ: وُيستعمل الثلاثيّ والرباعيّ لازمين، ومتعدّيين، فيقال: بتّ طلاقَهَا، وأبتّ، وطلاقٌ باتٌّ، ومُبِتٌّ. وقال ابن فارس: يقال لما لا رجعة فيه: لا أفعله بَتَّةً انتهى.

قال الشيخ ابن دقيق العيد في "شرح العمدة": تطليقه إياها بالبتات من حيث اللفظ يحتمل أن يكون بإرسال الطلقات الثلاث. ويحتمل أن يكون بإيقاع آخر طلقة. ويحتمل أن يكون بإحدى الكنايات التي تُحمل على البينونة عند جماعة من الفقهاء، وليس في اللفظ عموم، ولا إشعار بأحد هذه المعاني، وإنما يؤخذ ذلك من أحاديث أُخر، تبيّن المراد، ومن احتجّ على شيء من هذه الاحتمالات بالحديث، فلم يُصب؛ لأنه إنما دلّ على مطلق البتّ، والدّالّ على المطلق لا يدلّ على أحد قيديه بعينه (٣).

قال وليّ الدين: قلت: اعتبر الشيخ لفظ الرواية التي شرحها، وهذه الرواية التي هنا صريحة في الاحتمال الثاني، فان لفظها "آخر ثلاث تطليقات"، فدلّ على أنه لم يجمعها لها دفعةً واحدةً. واعتبر ابن عبد البرّ لفظ الرواية التي سقناها من "الموطإ"، فاستدلّ به


(١) راجع "التمهيد" ١٣/ ٢٢٠ - ٢٢١.
(٢) "طرح التثريب" ٧/ ٩٥.
(٣) "إحكام الأحكام" ٤/ ٢٠٠ - ٢٠١.