للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إنما أرضعتني المرأة، ولم يُرضعني الرجل … " الحديث.

ويُجمع بأنه دخل عليها أوّلًا، فاستترت، ودار بينهما الكلام، ثم جاء يستأذن ظنًّا منه أنها قبلت قوله: "فلم تأذن له، حتى تستأذن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -" (١).

(فَإِنَّهُ يَحرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ) هذا ظاهر في رفعه. ووقع في رواية شعيب: "قال عروة: فبذلك كانت عائشة تقول: حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب ووقع في رواية سفيان بن عيينة: "ما تحرمون من النسب". وهذا ظاهره الوقف (٢).

ولا تعارض بينهما، فإن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - ترويه عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وتفتي به، وعدى تقدير التعارض، فالرفع يقدّم على الوقف. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا متّفقٌ عليه، وقد تقدّم تخريجه في الحديث الماضي.

(المسألة الثانية): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان ما يَحرُم من الرضاع، وهو ما يحرم من النسب. (ومنها): أن لبن الفحل يتعلّق به التحريم، فتنتشر الحرمة لمن ارتضع بلبنه، فلا تحلّ له بنت زوج المرأة التي أرضعته من غيرها مثلًا، وفيه خلاف قديمٌ، سيأتي بيانه بعد بابين، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): أنه استُدلّ به على أن من ادّعى الرضاع، وصدّقه الرضيع يثبتُ حكم الرضاع بينهما، ولا يَحتاج إلى بيّنة؛ لأن أفلح ادّعى، وصدّقته عائشة، وأذن الشارع بمجرّد ذلك.

وتُعُقّب باحتمال أن يكون الشارع اطّلع على ذلك من غير دعوى أفلح، وتسليم عائشة. قاله في "الفتح" (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: فيه أن الأول هو الظاهر، فلا يعدل عنه بالاحتمال. واللَّه تعالى أعلم.

(ومنها): أنه استُدِلّ به على أن قليل الرضاع يُحرّم كما يحرّم كثيره؛ لعدم الاستفصال


(١) "المفهم" ١٠/ ١٨٨ - ١٨٩.
(٢) "المفهم" ١٠/ ١٨٨ - ١٨٩.
(٣) "فتح"١٠/ ١٨٩ - ١٩٠.