للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ) - رضي اللَّه تعالى عنهما - (أَنَّ عَلِيًّا) - رضي اللَّه عنه -، هكذا في رواية حماد بن سلمة، عن أيوب جعله من مسند عليّ - رضي اللَّه عنه -، وخالفه سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب، فجعله من مسند ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما -، ولم يذكر عليًّا - رضي اللَّه عنه -، كما سيُبيّنه المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- في الرواية التالية (قَالَ: تَزَوْجْتُ فَاطِمَةَ - رضِي اللَّه عَنْهَا -) وكان زواجه لها بعد أن ابتنى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بعائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - بأربعة أشهر ونصف، وذلك سنة اثنتين من الهجرة، وكان سنّها يوم تزوّجها خمس عشرة سنة، وخمسة أشهر ونصفًا، ولم يتزوّج عليها حتى ماتت. قال الزهريّ، عن عروة، عن عائشة: عاشت فاطمة بعد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ستة أشهر. زاد غيره: وهي بنت سبع وعشرين سنة. وقيل: ثمان. وكانت أول آل النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لُحُوقًا به، وغسلها عليّ - رضي اللَّه عنه -، ودُفنت ليلًا - رضي اللَّه تعالى عنها -. وقيل: ماتت بعد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بثلاثة أشهر، وقيل: بمائة يوم. وقيل: بثمانية أشهر. وقيل: غير ذلك (١). (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنِ بِي) أي اجعلني بانيًا بها. وفي النسخة "الهندية": "ابنها بي".

قال في "النهاية": البناء، والابتناء: الدخول بالزوجة، والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوّج امرأة بَنَى عليها قُبّةً؛ ليدخل بها فيها، فيقال: بَنَى الرجلُ على أهله. قال الجوهريّ: بني على أهله: أي زَفَّها، والعامّة تقول: بَنَى بأهله، وهو خطأٌ. قال صاحب "النهاية": وهذا القول فيه نظر، فإنه قد جاء في غير موضع من الحديث، وغير الحديث، وعاد الجوهريّ، فاستعمله في "كتابه" انتهى (٢).

وفي "القاموس": بَنَى على أهله، وبها: زَفّها، كابتنى انتهى.

قال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: والحاصل أنه جاء بالوجهين، لكن يجب التنبيه على أن الباء في هذا الحديث ليست هي الباء التي اختلفوا فيها، فإنها الباء الداخلة على المرأة المدخولِ بها، والمدخولُ بها ههنا متروكةٌ، فيجوز تقديره "على أهلي"، أو"بأهلي"، والباء المذكورة باء التعدية، والمعنى: اجعلني بانيًا على أهلي، أو بأهلي، فلا إشكال في هذا الحديث على القولين، كما لا يخفى انتهى كلام السنديّ (٣).

(قالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - ("أَعْطِهَا شَيْئًا") الظاهر أن التنكير هنا للتعميم: أي شيء كان، مهرًا، أو


(١) راجع "تهذيب التهذيب" ٤/ ٦٨٣ - ٦٨٤.
(٢) "النهاية" ١/ ١٥٧ - ١٥٨.
(٣) "شرح السنديّ" ٦/ ١٢٩ - ١٣٠.