للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يظهر لي أن قول من قال بتضمين الحيوان، والعروض بالمثل هو الأولى؛ لظاهر حديث الباب، وأما دعوى أنها واقعة عين، فمما لا دليل عليه، وليس هذا مما يُستغرب، فقد ثبت الضمان بالمثل في الشرع في كثير من الإتلافات، كجزاء الصيد، وغيره. فتفطّن. واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: احتجّ الحنفيّة بهذا الحديث لقولهم: إذا تغيّرت العين المغصوبة بفعل الغاصب، حتى زال اسمها، وعظم منافعها، زال ملك المغصوب عنها، وملكها الغاصب، وضَمِنَها. وفي الاستدلال بهذا الحديث نظرٌ لا يخفى. قاله في "الفتح" (١).

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

٣٤٠٧ - (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ, عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ, أَنَّهَا, يَعْنِي أَتَتْ بِطَعَامٍ, فِي صَحْفَةٍ لَهَا, إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ, فَجَاءَتْ عَائِشَةُ, مُتَّزِرَةً بِكِسَاءٍ, وَمَعَهَا فِهْرٌ, فَفَلَقَتْ بِهِ الصَّحْفَةَ, فَجَمَعَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بَيْنَ فِلْقَتَي الصَّحْفَةِ, وَيَقُولُ: «كُلُوا, غَارَتْ أُمُّكُمْ» , مَرَّتَيْنِ, ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - صَحْفَةَ عَائِشَةَ, فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ, وَأَعْطَى صَحْفَةَ أُمِّ سَلَمَةَ عَائِشَةَ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الربيع بن سليمان": هو الجيزيّ الأعرج. ويحتمل أن يكون الربيع بن سليمان المراديّ المؤذّن، فكلاهما يروي عنه المصنّف، ويرويان عن أسد بن موسى، وكلاهما مصريّان ثقتان. و"أسد بن موسى": هو الأمويّ المعروف بـ "أسد السنّة"، وثّقه المصنّف، وغيره. و"ثابت": هو البنانيّ البصريّ. و"أبو المتوكّل": هو عليّ بن داود، ويقال: دُؤاد الناجيّ البصريّ. واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: "أنها يعني أتت بطعام" أتي بـ "يعني" إشارةً إلى أنه شكّ في هذه اللفظة، هل هي أتت، أو جاءت، أو نحو ذلك، ولم يظهر لي من أتي بالعناية. واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: "بصحفة" -بفتح الصاد، وسكون الحاء المهملتين-: إناءٌ كالقَصْعة، والجمع صِحَافٌ، مثلُ كَلْبة وكِلابٍ، وقال الزمخشريّ: الصَّحْفة قَصْعَةٌ مستطيلة. أفاده الفيّوميّ.

وقولها: "ومعها فِهْرٌ" في "القاموس": الْفِهْرُ -بالكسر-: الحجرُ قدر ما يُدقّ به الجوز، أو ما يملأ الكفّ، ويؤنّث، والجمع أفهار، وفُهُور انتهى.

وقولها: "ففلقت" بفتح الفاء، والسلام، من باب ضرب: أي شَقَّت. وقولها: "بين


(١) "فتح" ٥/ ٤٢٢ "كتاب المظالم".