للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كالجمهور، ورجحها الفاكهانيّ؛ لكونه شرط في الإذن في الطلاق عدم الميسيس، والمعلّق بشرط معدوم عند عدمه، وهذا هو الحقّ. (ومنها): أن الزوج يستقلّ بالرجعة، دون الوليّ، ورضا المرأة؛ لأنه جعل ذلك إليه، دون غيره، وهو كقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}. (ومنها): أن الأب يقوم عن ابنه البالغ الرشيد في الأمور التي تقع له مما يَحتَشِم الابن من ذِكْره، ويتلقى عنه ما لعلّه يلحقه من العتاب على فعله شفقةً منه، وبرًّا. (ومنها): أن طلاق الطاهرة لا يُكره؛ لأنه أنكر إيقاعه في الحيض، لا في غيره؛ ولقوله في آخر الحديث: "فإن شاء أمسك، وإن شاء طلّق". (ومنها): أن الحامل لا تحيض؛ لقوله في طريق سالم المتقدّمة: "ثم لْيُطلّقها طاهرًا، أو حاملاً"، فحرّم الطلاق في زمن الحيض، وأباحه في زمن الحمل، فدلّ على أنهما لا يجتمعان. وأجاب من قال: تحيض الحامل بأن حيض الحامل لما لم يكن له تأثير في تطويل العدّة، ولا تخفيفها لأنها بوضع الحمل، أباح الشارع طلاقها حاملاً مطلقًا، وأما غير الحامل ففرق بين الحائض والطاهر؛ لأن الحيض يؤثر في العدّة، فالفرق بين الحامل وغيرها إنما هو بسبب الحمل، لا بسبب الحيض، ولا الطهر. (ومنها): أن الأقراء في العدّة هي الأطهار، وسيأتي تحقيق ذلك، في محلّه إن شاء اللَّه تعالى.

(ومنها): أنه تمسّك بالزيادة التي في رواية سالم المتقدّمة: "ثم ليطلقها طاهرًا، أو حاملاً" من استثنى من تحريم الطلاق في طهر جامعها فيه ما إذا ظهر الحمل، فإنه لا يحرم، والحكمة فيه أنه إذا ظهر الحمل فقد أقدم على ذلك على بصيرة، فلا يندم على الطلاق، وأيضًا فإن زمن الحمل زمن الرغبة في الوطء، فإقدامه على الطلاق فيه يدلّ على رغبته عنها. ومحك ذلك أن يكون الحمل من المطلِّق، فلو كان من غيره بأن نكح حاملاً من زنا، ووطئها، ثم طلّقها، أو وُطئت منكوحته بشبهة، ثم حملت منه، فطلّقها زوجها، فإن الطلاق يكون بدعيًّا؛ لأن عدّة الطلاق تقع بعد وضع الحمل، والنقاء من النفاس، فلا تُشرع عقب الطلاق في العدّة، كما في الحامل منه. قاله في "الفتح" (١). (ومنها): أن بعض أهل العلم قال في قوله: "ثم إن شاء أمسك، وإن شاء طلّق" دليلٌ على أن من قال لزوجته، وهي حائضٌ: إذا طهرتِ، فأنت طالقٌ لا يكون مطلّقًا للسنّة؛ لأن المطلّق للسنّة هو الذي يكون مخيّرًا عند وقوع طلاقه بين إيقاع الطلاق وتركه، ومن سبق منه هذا القول في وقت الحيض زائلٌ عنه الخيار في وقت الطهر. ذكره الخطابيّ في "المعالم" (٢).


(١) ١٠/ ٤٤٠ - ٤٤١.
(٢) "معالم السنن" ٣/ ٩٤.