للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلاً, فَتَوَاصَيْتُ وَحَفْصَةَ, أَيَّتُنَا مَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ, فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا, فَقَالَتْ: ذَلِكَ لَهُ, فَقَالَ: "بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ" وَقَالَ: "لَنْ أَعُودَ لَهُ", فَنَزَلَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} , {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ, {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} لِقَوْلِهِ: «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلَا» , كُلُّهُ فِي حَدِيثِ عَطَاءٍ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم سندًا، ومتنًا في "كتاب عشرة النساء" - "باب الْغَيْرَةِ"، رواه هناك عن شيخه الحسن بن محمد الزعفرانيّ، عن حجّاج به، وتقدّم شرحه مستوفًى، وكذا بيان مسائله، فراجعه تستفد.

ودلالته لما ترجم له هنا واضحة، حيث إنه يدلّ على أن الآية نزلت بسبب قصّة شربه - صلى اللَّه عليه وسلم - العسل عند أم المؤمنين زينب - رضي اللَّه تعالى عنها -، وقد تقدّم في الباب الماضي أن الأصحّ أنها نزلت فيها، وفي قصّة مارية - رضي اللَّه تعالى عنها -، ولا مانع من تعدّد سبب آية واحدة.

وحجاج: هو ابن محمد الأعور. و"عطاء": هو ابن أبي رباح.

وقولها: "فتواصيت": أي توافقتُ. وقولها: "وحفصة" قال السنديّ: بالنصب أقرب، أي مع حفصة حتى لا يلزم العطف على الضمير المرفوع بلا تأكيد، ولا فصل

انتهى.

يعني أن العطف على الضمير المرفوع بلا فاصل ضعيف، كما قال في "الخلاصة":

وَإِنْ عَلَى ضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَّصِلْ … عَطَفْتَ فَافْصِلْ بِالضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلْ

أَوْ فَاصِلٍ مَا وَبِلَا فَصْلٍ يَرِدْ … فِي النَّظْمِ فَاشِيًا وَضُعْفَهُ اعْتَقِدْ

وقوله: "ما دخل" "ما" زائدة، وسقطت من بعض النسخ. وقوله: "مغافر" هو شيء حُلْوٌ، له ريحٌ كَرِيهةٌ، وكان - صلى اللَّه عليه وسلم - لا يُحبّ الرائحة الكريهة، فلذلك ثقل عليه ما قالتا، وعزم على عدم العود. وقد تقدّم الكلام على ضبطه ومعناه مستوفًى في "كتاب عشرة النساء"، وللَّه الحمد والمنّة.

وقوله: "على إحديهما" هكذا النسخ بالياء التحتانيّة، والقاعدة في مثل هذا أن يكون بالألف؛ لأن "إحدى" مقصور، والمقصور لا تُقلب ألفه ياء عند إضافته إلى الضمير، بل يبقى على حاله، وإنما تقلب ألف "على"، و"إلى"، "لَدَى"، فيقال: عليه، وإليه، ولديه.

ويحتمل أن يكون مما كُتب على صورة الإمالة، فتكون قراءته بالألف. واللَّه تعالى أعلم.