للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ عَائِشَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنها -، أنها (قَالَتْ: كَاتَبَتْ بَرِيرَةُ عَلَى نَفْسِهَا) أي عقدت الكتابة بينها وبين مواليها على عتق نفسها، إذا أدّت البدل (بِتِسْعِ أَوَاقٍ) هذه الرواية وهي رواية هشام عن أبيه هي المشهورة في قدر بدل الكتابة، وقد وقعت في رواية للبخاريّ علّقها من طريق الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عروة، مخالفة لهذه الرواية, ولفظها: "إن بريرة دخلت عليها تستعينها في كتابتها، وعليها خمس أواق، نُجّمت عليها في خمس سنين … "، وقد جزم الإسماعيليّ بأن هذه الرواية غلطٌ. قال الحافظ: ويمكن الجمع بأن التسع أصل، والخصى كانت بقيت عليها. وبهذا جزم القرطبيّ، والمحبّ الطبريّ، لكن يعكُرُ عليه قوله في رواية قُتيبة: "ولم تكن أدّت من كتابتها شيئًا". ويجاب بأنها كانت حصلت الأربع أواقٍ قبل أن تستعين عائشة، ثم جاءتها، وقد بقي عليها خمس. وقال القرطبيّ: يُجاب بأن الخمس هي التي كانت استحقّت عليها بحلول نجومها من جملة التسع الأواقي المذكورة في حديث هشام. ويؤيّده قوله في رواية عمرة عن عائشة عند البخاريّ في "أبواب المساجد": "فقال أهلها: إن شئت أعطيت ما يبقى". وذكر الإسماعيليّ أنه رأى في الأصل المسموع على الفربريّ في هذه الطريق أنها كاتبت على خمس أوساق، وقال: إن كان مضبوطًا، فهو يدفع سائر الأخبار. قال الحافظ: لم يقع في شيء من النسخ المعتمدة التي وقفنا عليها إلا الأواقي، وكذا في نسخة النسفيّ عن البخاريّ، وكان يمكن على تقدير صحّته أن يُجمع بأن قيمة الأوساق الخمسة تسع أواقي، لكن يعكر عليه قوله: "في خمس سنين"، فيتعيّن المصير إلى الجمع الأول. انتهى (١).

(فِي كُلِّ سَنَةٍ بِأوقِيَّةٍ) هكذا النسخ بالباء، والظاهر أن الباء زائدة، ويؤيّده أن في هامش "الكبرى" ما يشير إلى أن في بعض النسخ إسقاطَ الباء، فيكون "أوقية" مبتدأ مؤخّرًا، خبره "في كلّ سنة"، ويحتمل أن يتعلّق الجارّان بفعل مقدّر دلّ عليه السابق: أي كاتبتهم في كلّ سنة باقية. و"الأوقيّة": أربعون درهما (فَأَتَتْ عَائِشَةَ تَسْتَعِينُهَا) أي تطلب عونها في بدل الكتابة (فَقَالَتْ:) عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - (لَا) أي لا أفعل ذلك، وهو العون الذي طلبته (إِلاَّ أَنْ يَشَاءُوا) أي أهل بريرة (أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً) فيه أن العدّ في الدراهم الصحاح المعلومة الوزن يكفي عن الوزن، وأن المعاملة في ذلك الوقت كانت بالأواقي، وهي أربعون درهما، كما سبق آنفًا. وزعم المحبّ الطبريّ أن أهل المدينة


(١) "فتح" ٥/ ٤٩٧. "كتاب المكاتب". رقم ٢٥٦٠.