للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والأمة، والجمع ولائد. وقيل: إنها اسم لغير أم الولد.

(فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - إِلَى شَبَهِهِ، فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ) وفي رواية: "فإذا هو أشبه الناس بعتبة بن أبي وقّاص".

قال الخطّابيّ، وتبعه عياضٌ، والقرطبي، وغيرهما: كان أهل الجاهليّة يقتنون الو لائد، ويقرّرون عليهنّ الضرائب، فيكتسبن بالفجور، وكانوا يُلحقون النسب بالزناة، إذا ادّعوا الولد، كما في النكاح، وكانت لزمعة أمةٌ، وكان يُلمّ بها، فظهر بها حملٌ، زعم عتبة بن أبي وقّاص أنه منه، وعهد إلى أخيه سعد أن يستلحقه، فخاصم فيه عبد بن زمعة، فقال له سعد: هو ابن أخي، على ما كان عليه الأمر في الجاهليّة، وقال عبد الرحمن: هو أخي، على ما استقرّ عليه الأمر في الإسلام، فأبطل النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - حكم الجاهليّة، وألحقه بزمعة. وأبدل عياضٌ قوله: إذا ادّعوا الولد بقوله: إذا اعترفت به الأمّ وبنى عليهما القرطبيّ، فقال: ولم يكن حصل إلحاقه بعتبة في الجاهليّة، إما لعدم الدعوى، وإما لكون الأمّ لم تعترف به لعتبة.

قال الحافظ: وقد مضى في "النكاح" (١) من حديث عائشة ما يؤيّد أنهم كانوا يعتبرون استلحاق الأمّ في صورة، وإلحاق القائف في صورة، ولفظها: "إن النكاح في الجاهليّة كان على أربعة أنحاء … " الحديث، وفيه: "يجتمع الرهط ما دون العشرة، فيدخلون على المرأة كلهم يُصيبها، فإذا حملت، ووضعت، ومضت ليالٍ، أرسلت إليهم،


(١) هو ما أخرجه البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه":
٥١٢٧ - وحدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عنبسة، حدثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخبرته أن النكاح في الجاهلية، كان على أربعة أنحاء: فنكاح منها نكاح الناس اليوم، يخطب الرجل إلى الرجل وليته، أو ابنته، فيُصدقها، ثم ينكحها. ونكاح آخر، كان الرجل يقول لامرأته: إذا طهرت من طمثها: أرسلي إلى فلان، فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها، ولا يمسها أبدا، حتى يتبيّن حملها من ذلك الرجل، الذي تستبضع منه، فإذا تبيّن حملها، أصابها زوجها، إذا أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، فكان هذا النكاح، نكاح الاستبضاع. ونكاح آخر، يجتمع الرهط ما دون العشرة، فيدخلون على المرأة، كلهم يصيبها، فإذا حملت، ووضعت، ومَرَّ عليها ليال، بعد أن تضع حملها، أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع، حتى يجتمعوا عندها، تقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم، وقد ولدت، فهو ابنك يا فلان، تسمي من أحبت باسمه، فيلحق به ولدها، لا يستطيع أن يمتنع به
الرجل. ونكاح رابع، يجتمع الناس الكثير، فيدخلون على المرأة، لا تمتنع ممن جاءها، وهن البغايا، كُن ينصبن عليّ أبوابهن رايات، تكون علما، فمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت إحداهن، ووضعت حملها، جُمِعوا لها، ودعوا لهم القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون، فالتاط به، ودُعي ابنه، لا يمتنع من ذلك، فلما بُعِثَ محمد - صلى اللَّه عليه وسلم - بالحق، هدم نكاح الجاهليّة كله، إلا نكاح الناس اليوم.