للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإيمان, ومن لم يلتزمه، وخُلّي بينه وبين دينه، فإنه يُخلَّى بينه وبين شرائع الدين الذي التزمه، كما خُلي بينه وبين أصله ما لم يُحاكم إلينا، وهذه القاعدة متّفقٌ عليها بين العلماء، ولكن عُذرُ الذين أوجبوا الإحداد على الذميّة أنه يتعلّق به حقّ الزوج المسلم، وكان منه إلزامها به كأصل العدّة، ولهذا لا يُلزمونها به في عدّتها من الذميّ، ولا يُتعرّض لها فيها، فصار هذا كعقودهم مع المسلمين، فإنهم يُلزمُون فيها بأحكام الإسلام، وإن لم يُتعرّض لعقود بعضهم مع بعض.

ومن ينازعهم في ذلك يقولون: الإحداد حقّ اللَّه تعالى، ولهذا لو اتّفق هي والأولياء، والمتوفّى على سقوطه بأن أوصاها بتركه، لم يسقط، ولزمها الإتيان به، فهو جار مجرى العبادات، وليست الذميّة من أهلها، فهذا سرّ المسألة. انتهى كلام ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى- (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يظهر لي أن ما ذهب إليه المصنّف، وهو مذهب الحنفيّة، وبعض طائفة من أهل العلم، من عدم وجوب الإحداد على الكتابية هو الأرجح؛ عملا بظاهر التقييد بالإيمان، ولما ذُكر من أن الإحداد يُغَلَّب فيه جانب العبادة، وهي ليست من أهلها. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه

أنيب".

٦٠ - (مُقَامُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فِي بَيْتِهَا حَتَّى تَحِلَّ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قوله: "مقام" -بضمّ الميم- مصدر أقام يُقيم، بمعنى الإقامة. وقوله: "حتى تحلّ" -بكسر الحاء المهملة، يقال: حلّت المرأة للأزواج تَحِلّ بالكسر: زال المانع الذي كانت متّصفة به، كانقضاء العدّة، فهي حلالٌ. أفاده الفيّوميّ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣٥٥٥ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ, عَنْ شُعْبَةَ, وَابْنِ جُرَيْجٍ, وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ, وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ, عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ, عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبٍ,


(١) "زاد المعاد" ٥/ ٦٩٨ - ٦٩٩.