للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه من أفراده. (ومنها): أنه مسلسل بالمكيين، غير شيخه، ومخلد، فحرّانيان. (ومنها): أن فيه جابرًا رضي الله تعالى عنه من المكثرين السبعة، روى (١٥٤٠) حديثًا. والله تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ جَابِر) بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما. وفي رواية مسلم: "قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول … "، فانتفت تهمة التدليس في كلّ من ابن جريج، وأبي الزبير (قَالَ: طُلِّقَتْ خَالَتُهُ) فيه التفات، إذ الظاهر أن يقول: "خالتي"، كما في رواية أحمد. وفي رواية أبي داود: "طُلّقت خالتي ثلاثًا"، فدلّ على أن طلقتها كانت بائنة (فَأَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى نَخْلٍ لَهَا) وفي رواية أبي داود: "فخرجت تُجدّ نخلا لها"، وهو -بفتح التاء، وضم الجيم، بعدها دال مهملة: أي تقطف، وتقطع ثمر نخلها (فَلَقِيَتْ رَجُلًا، فَنَهَاهَا) ظنًّا منه أن خروج المعتدّة من بيتها غير جائز (فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -) زاد في رواية أبي داود: "فذكرت ذلك له"، أي ذكرت نهي الرجل لها عن الخروج (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (اخْرُجِي) أمر إباحة (فَجُدِّي نَخْلَكِ) بضم الجيم، أي اقطفي ثمر نخلك (لَعَلَّكِ أَنْ تَصَدَّقِي) أصله تتصدّقي بتاءين، فحذف منه إحداهما؛ تخفيفًا، كما في قوله عز وجل: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ}، وقوله: {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى}، قال ابن مالك في "خلاصته":

وَمَا بِتَاءَيْنِ ابْتُدِي قَدْ يُقْتَصَرْ … فِيهِ عَلَى تَا كَـ "تَبَيَّنُ الْعِبَر"

(وَتَفْعَلِي مَعْرُوفًا) هو من عطف العامّ على الخاصّ؛ إذ المعروف يعمّ الصدقة، وغيرها، كقضاء الديون، ونحوه. ولفظ أبي داود: "أو تفعلي معروفًا"، بـ "أو" التي للتنويع.

ووجه استدلال المصنّف رحمه الله تعالى على جواز خروج المتوفّى عنها، أو المبتوتة نهارًا من هذا الحديث هو أن جداد النخل في غالب العرف لا يكون إلا نهارًا، وقد نُهي عن جداد الليل، ونخل الأنصار قريبٌ من دورهم، فهي إذا خرجت بُكرة للجداد أمكنها أن تُمسي في بيتها؛ لقرب المسافة. أفاده الخطّابيّ -رحمه الله تعالى- (١).

قال القرطبيّ: قوله: "فلعلّك أن تصدّقي الخ" ليس تعليلًا لإباحة الخروج لها بالاتفاق، وإنما خرج هذا مخرج التنبيه لها، والحض على فعل الخير انتهى (٢).


(١) "معالم التنزيل" ٣/ ١٩٧.
(٢) "المفهم" ٤/ ٢٧٩.