للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حصباء، فحصبه به، وقال: ويلك تُحدّث بمثل هذا؟ وقال النسائيّ: ويلك، لم تفتي بمثل هذا؟، قال عمر لها: إن جئت بشاهدين يشهدان أنهما سمعاه من رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وإلا لم نترك كتاب ربّنا لقول امرأة.

[ذكر طعن أبي سلمة بن عبد الرحمن]:

قال الليث: حدّثني عُقيلٌ، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، فذكر حديث فاطمة.

ثم قال: فأنكر الناس عليها ما كانت تُحدّث من خروجها قبل أن تَحِلّ، قالوا: وقد عارض رواية فاطمة صريح رواية عمر في إيجاب النفقة والسكنى، فروى حمّاد بن سلمة، عن حمّاد بن أبي سليمان، أنه اخبر إبراهيم النخعيّ بحديث الشعبيّ، عن فاطمة بنت قيس، فقال له إبراهيم: إن عمر أُخبر بقولها، فقال: لسنا بتاركي آية من كتاب اللَّه، وقول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، لقول امرأة لعلها أوهمت، سمعتُ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -يقول: "لها السكنى والنفقة". ذكره أبو محمد في "المحلّى"، فهذا نصّ صريحٌ، يجب تقديمه على حديث فاطمة؛ لجلالة رواته، وترك الصحابة عليه، وموافقته لكتاب اللَّه.

[ذكر الأجوبة عن هذه المطاعن، وبيان بطلانها]:

وحاصلها أربعة:

[أحدها]: أن راويتها امرأة، لم تأت بشاهدين يُتابعانها على حديثها.

[الثاني]: أن روايتها تضمّنت مخالفة القرآن.

[الثالث]: أن خروجها من المنزل لم يكن لأنه لا حقّ لها في السكنى، بل لأذاها أهل زوجها بلسانها.

[الرابع]: معارضة روايتها برواية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي اللَّه عنه -.

ونحن نبين ما في كلّ واحد من هذه الأمور الأربعة -بحول اللَّه تعالى وقوّته- هذا مع أن في بعضها من الانقطاع، وفي بعضها من الضعف، وفي بعضها من البطلان ما سننبّه عليه، وبعضها صحيح عمن نُسب إليه بلا شكّ.

فأما الطعن الأول، وهو كون الراوي امرأة، فمَطْعَنٌ باطل بلا شكّ، والعلماء قاطبةً على خلافه، والمحتجّ بهذا من أتباع الأئمة أول مبطل له، ومخالف له، فإنهم لا يختلفون في أن السنن تؤخذ عن المرأة كما تؤخذ عن الرجل، هذا وكم من سنّة تلقاها الأئمة بالقبول عن امرأة واحدة من الصحابة، وهذه مسانيد نساء الصحابة بأيدي الناس، لا تشاء أن ترى فيها سنّة تفرّد بها امرأة منهنّ إلا رأيتها، فما ذنب فاطمة بنت قيس دون