للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ} الآية [طه: ٧٧]، وقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} الآية [التوبة: ١٠٣]. وجملة "نرمي" في محل نصب على الحال، أو مستأنفة. واللَّه تعالى أعلم.

(فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ, أَبْطَأْتُ عَنْهُ) أي تأخّرت عن الخروج معه (فَقَالَ: يَا خَالِدُ تَعَالَ أُخْبِرْكَ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ) أي بسبب رميه على الكفار (ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ) أي ينوي (فِي صُنْعِهِ) بضمّ، فسكون، وفي نسخة: "في صَنْعته" بفتح، فسكون (الْخَيْرَ) أي يطلب أجره من عنده تعالى، لا من غيره (وَالرَّامِيَ بِهِ, وَمُنَبِّلَهُ) بتشديد الموحّدة، وتخفيفها، من التنبيل، أو الإنبال: أي الذي يناوله النبل ليرمي به (وَارْمُوا وَارْكَبُوا) أي لا تقتصروا على الرمي ماشيًا، واجمعوا بين الرمي، والركوب. أو المعنى اعلموا هذه الفضيلة، وتعلّموا الرمي والركوب بتأديب الفرس، والتمرين عليه، كما يُشير إليه آخر الحديث. وقال الطيبيّ: عطف "واركبوا" يدلّ على المغايرة، وأن الرامي يكون راجلًا، والراكب رامحًا، فيكون معنى قوله: "وأن ترموا أحبّ إليّ من أن تركبوا" أن الرمي بالسهم أحبّ إليّ من الطعن بالرمح انتهى.

قال القاريّ: والأظهر أن معناه أن معالجة الرمي، وتعلّمه أفضل من تأديب الفرس، وتمرين ركوبه؛ لما فيه من الخيلاء والكبرياء، ولما في الرمي من النفع الأعمّ، ولذا قدّمه تعالى في قوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} الآية [الأنفال: ٦٠]. مع أنه لا دلالة في الحديث على الرمح أصلًا انتهى (١) (وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا) فإن الرمي من الأسباب القريبة، وأيضًا يعمّ الراكب والماشي، ومعرفة الركوب لا يحتاج إليها إلا الراكب (وَلَيْسَ اللَّهْوُ) قال السنديّ: أي المشروع، أو المباح، أو المندوب، أو نحو ذلك، فهو على حذف الصفة، مثل: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: ٧٩] أي صالحة، أو التعريف للعهد. وقال السيوطيّ في "حاشية سنن أبي داود": إن لفظ الحديث، كما في رواية الترمذيّ، وهو: "كلُّ شيء يلهو به الرجل باطلٌ، إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته امرأته، فإنهنّ من الحقّ"، ورواية الكتاب من تصرّفات الرواة، ثم نقل السيوطيّ عن بعضهم مثل ما ذكرنا من التقدير. واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام السنديّ (٢) (إِلاَّ فِي ثَلَاثَةِ: تَأْدِيبِ الرَّجُلِ) بالجرّ بدلًا من "ثلاثة"، ويجوز قطعه إلى الرفع، والنصب (فَرَسَهُ) بالنصب مفعول


(١) "المرقاة": ٧/ ٣٤١.
(٢) "شرح السندي" ٦/ ٢٢٣.