للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والعظمة إزاريّ … " (١)، فلا ينبغي مضاهات غيره به في الألفاظ، وإن لم تُرَد تلك

العظمة المخصوصة بالإله المعبود.

قال الجامع. قد عرفت فيما سبق أن الحقّ تعميم التحريم، فإن نصوص التحريم لم تفرّق بين الأنبياء، والملائكة، والأصنام، واللات والعزّى، بل قال - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من حلف بغير اللَّه فقد كفر". فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.

قال: وأما الحلف بالنصرانيّة، ونحوها، فلا أشكّ في أنه كفر؛ لأن تعظيمها باقي وجه كان يقتضي حقيّتها، وذلك كفر، إلا أن يتأول الحالف أنه أراد تعظيمها حين كانت حقا قبل نسخها، فلا أكفّره حينئذ، ولكن أحكم عليه بالعصيان؛ لبشاعة هذا اللفظ، والتشبه فيه بأهل الكفر والضلال. واللَّه أعلم انتهى كلام الحافظ العراقيّ.

قال وليّ الدين: وهذا الذي ذكره أصحابنا، رواه الترمذيّ، عن ابن عمر أنه سمع رجلاً يقول: لا والكعبة، فقال ابن عمر: لا تحلف بغير اللَّه، فإني سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: "من حلف بغير اللَّه، فقد كفر"، أو "أشرك". وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن. وأخرجه الحاكم في "مستدركه وقال: إنه صحيح على شرط الشيخين، وهو في "سنن أبي داود" في رواية ابن العبد، دون رواية اللؤلؤيّ.

وقال الترمذيّ: تفسير هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن قوله: "كفر"، أو "أشرك" على التغليظ، والحجة في ذلك حديث ابن عمر: "إن اللَّه ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم"، وحديث أبى هريرة - رضي اللَّه عنه -: "من حلف، فقال في حلفه: واللات والعزّى، فليقل: لا إله إلا اللَّه"، وهذا مثل ما روي عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه قال: "الرياء شرك فقد فسّر أهل العلم هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ} [الكهف: ١١٠]، قال: لا يرائي. انتهى.

وقال ابن العربيّ: يريد به شرك الأعمال، وكفرها, ليس شرك الاعتقاد، ولا كفره، كقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من أبق من مواليه، فقد كفر"، ونسبة الكفر إلى النساء.

وفي "مصنّف ابن أبي شيبة" عن الحسن، قال: مرّ عمر بالزبير - رضي اللَّه عنهما -، وهو يقول: لا، والكعبة، فرفع عمر الدّرّة، وقال: الكعبة، لا أمّ لك، تُطعمك، وتسقيك؟. وهذا منقطع. وعن عكرمة، قال: قال عمر - رضي اللَّه عنه -: حدّثت قومًا حديثًا، فقلت: لا، وأبي، فقال رجل من خلفي: لا تحلفوا بآبائكم، قال: فالتفت، فإذا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: "إن أحدكم حلف بالمسيح هلك، والمسيح خيرٌ من آبائكم". وهذا منقطع أيضًا. وعن


(١) أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وهوكان كان في إسناد عطاء بن السائب، إلا إنّه مما رواه عنه الثوريّ، وابن عيينة، وهما ممن روى عنه قبل اختلاطه، فهو صحيح.