للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأصحابه، واختلف أصحابه فيما إذا قال: "إلى الحرم"، أو مكانًا من مدينة مكة، أو المسجد، هل يرجع إلى البيت، أم لا؟ على قولين. وقال الشافعيّ: من قال: عليّ المشي إلى شيء مما يشتمل عليه الحرم لزمه، وإن ذكر ما خرج عنه لم يلزمه. وبه قال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وابن حبيب من المالكيّة، إلا إذا ذكر عرفات، فيلزمه، وإن كانت خارج الحرم. وقال أبو حنيفة: لا يلزمه في هذا مشيٌ، ولا مسيرٌ في القياس، لكن الاستحسان في قوله: إلى بيت اللَّه، أو الكعبة، أو مكة فقط، وكل هذا إذا ذكر المشي، فلو قال: عليّ المسير إلى مكة، أو الانطلاق، أو الذهاب، فلا شيء عليه، إلا أن يقول: في حجّ، أو عمرة، أو ينويهما. وتردّد قول مالك في الركوب، وأوجب أشهب الحجّ والعمرة فيهما، كالمشي. وكل هذا إذا ذكر مكة، أو موضعًا منها على ما فصّلناه. فلو قال: عليّ المشي إلى مسجد من المساجد الثلاثة، لم يلزمه المشي عند ابن القاسم، بل المضيّ إليها. وقال ابن وهب: يلزمه المشي، وهو القياس، ولو قال: إلى مسجد غير هذه الثلاثة قال ابن الموّاز: إن كان قريبًا كالأميال، لزمه المشي إليه، وإن كان بعيدًا لم يلزمه. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن من نذر إلى أحد المساجد الثلاثة يلزمه الوفاء به، وأما ما عداها من المساجد، فلا يُشرع النذر بالمشي إليها؛ للحديث المتّفق عليه: "لا تشدّ الرحال، إلا إلى ثلاثة مساجد … " الحديث، كما تقدّم، فيكون النذر إلى غيرها غير طاعة، فلا يلزم؛ لما ذُكر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".

٣٣ - (إِذَا حَلَفَتِ الْمَرْأَةُ لِتَمْشِيَ حَافِيَةً, غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ)

٣٨٤٢ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، وَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زَحْرٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، أَخْبَرَهُ, أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -,


(١) "المفهم" ٤/ ٦١٨ - ٦١٩.