للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أراد، ويؤيّده أن موسى - عليه السلام - قالها عند ما وعد الخضر أنه يصبر عما يراه منه، ولا يسأله عنه، ومع ذلك فلم يصبر، كما أشار إلى ذلك في الحديث الصحيح: "رحم اللَّه موسى، لوددنا لو صبر حتى يقصّ اللَّه علينا من أمرهما". وقد قالها الذبيح، فوقع ما ذكر في قوله - عليه السلام -: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}، فصبر حتى فداه اللَّه بالذبح. وقد سئل بعضهم عن الفرق بين الكليم والذبيح في ذلك، فأشار إلى أن الذبيح بالغ في التواضع في قوله: {مِنَ الصَّابِرِينَ} حيث جعل نفسه واحدًا من جماعة، فرزقه اللَّه الصبر. قال الحافظ: وقد وقِع لموسى - عليه السلام - أيضًا نظير ذلك مع شعيب، حيث قال له: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص: ٢٧]، فرزقه اللَّه ذلك. انتهى (١).

(فُرْسَانًا) بضمّ الفاء جمع فارس، قال الفيّومي -رحمه اللَّه تعالى-: الفارس: الراكب على الحافر فرسًا كان، أو بغلًا، أو حمارًا، قاله ابن السِّكِّيت، يقال: مرّ بنا فارسٌ على بغل، وفارسٌ على حمار. وفي، "التهذيب": فارسٌ على الدّابّة: بَيِّنُ الفرُوسيّة، قال الشاعر [من الطويل]:

وَإِنِّي امْرُؤٌ لِلْخَيلِ عِنْدِي مَزِيَّةٌ … عَلَى فَارِسِ البرْذَونِ أَوْ فَارِسِ الْبَغْلِ

وقال أبو زيد: لا أقول لصْاحب البغل والحمار: فارس، ولكن أقول: بَغّالٌ، وحَمّارٌ. ويجمع فارسٌ أيضًا على فوارس، وهو شاذّ؛ لأن فواعل إنما هو جمع فاعلة، مثل ضاربة وضَوَارِب، وصاحبة وصَوَاحِب، أو جمع فاعل صفةً لمؤنّث، مثل حائض وحَوَائض، أو كان جمع ما لا يعقل، نحوْ جملِ بازلٍ وبَوَازِلَ، وحائط وحوائطَ، وأما مذكر من يَعقِل، فقالوا: لم يأت فيه فواعل، إلا فوارسُ، ونواكسُ، ناكس الرأس، وهوالك، ونواكص، وسوابق، وخوالف، جمع خالف، وخالفة، وهو القاعد المتخلّف، وقومٌ ناجعةٌ ونواجعُ. وعن ابن القطّان: ويجمَعُ الصاحب على صواحب. انتهى كلام الفيّوميّ (٢).

وإلى هذه القاعدة أشار ابن مالك -رحمه اللَّه تعالى- في "الخلاصة"، حيث قال:

فَوَاعِلٌ لِفَوْعَلِ وَفَاعَلِ … وَفَاعِلَاءَ مَعَ نَحْوِ كَاهِلِ

وَحَائِضٍ وَصَاهِلٍ وَفَاعِلَهْ … وَشَذَّ فِي الفَارِسِ مَعَ مَا مَاثَلَهْ

(أَجْمَعِينَ") هكذا نسخ "المجتبى"، والذي في "الكبرى": "أجمعون"، وهو الذي في "الصحيحين"، وهو الموافق لغالب الاستعمال، فإن المشهور في اللغة أن تستعمل


(١) "فتح" ١٣/ ٤٧٢. "كتاب الأيمان والنذور".
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٦٧ - ٤٦٨.