للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرامي، لا يَعْلَق به من جسد الشي شيء. قاله في " الفتح" (١).

وقوله: "قتل عاد" أي قتلاً عامًّا، مستأصلاً، كما قال اللَّه تعالى في شأن هلاك عاد: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة: ٨]. وقد تقدّم شرح هذا الحديث مستوفًى في "كتاب الزكاة" ٧٩/ ٢٥٧٨ - فراجعه تستفد. وباللَّه تعالى التوفيق.

[فائدة]: ذكر في "الفتح" أنه جاء عن أبِي سعِيد الخُدْرِي قِصّة أُخرى، تتعلَّق بِالخوارجِ، فِيها ما يُخالِف هذِهِ الرَّواية، وذلِك فِيما أخرجهُ اخمدُ بِسندٍ جيَّد، عن أبِي سعِيد، قال: "جاء أبُو بكر إِلى رسُول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: يا رسُول اللَّه، إِني مررْت بِوادِي كذا، فإِذا رجُل حسن الهيئة، مُتخشِّع، يُصلِّي فِيهِ، فقال: (اذهب إِليهِ، فاقتُلهُ". قال: فذهب إِليهِ أبُو بكر، فلمّا رآهُ يُصلي، كرِه أن يقتُلهُ، فرجع، فقال النبِي - صلى اللَّه عليه وسلم - لِعُمر: "اذهت إِليهِ، فاقتُلْهُ"، فذهب، فرآهُ على تِلك الحالة، فرجع، فقال: "يا علِي، اذهب إِليهِ فاقتُلهُ"، فذهب عليّ، فلم يرهُ، فقال النَّبِيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إِنَّ هذا وأصحابه، يقرءُون القرْآن، لا يُجاوِز تراقِيهم، يمرُقُون من الذين، كما يفرُق السَّهْم من الرَّميَّة، ثُمَّ لا يعُودُون فِيهِ، فاقتُلُوهُم، هُم شرّ البريَّة".

ولهُ شاهِد من حدِيث جابِر، أخرجهُ أبُو يعلى، ورِجاله ثِقات.

قال الحافظ: ويُمْكِن الجمع، بِأنْ يكُون هذا الرجُل هُو الأوَّل، وكانت قِصَّته هذِهِ الثانِية، مُتراخِية عن الأولى، وأذِن - صلى اللَّه عليه وسلم - في قتله، بعد أن منع مِنهُ، لِزوالِ عِلة المنع، وهِي التألُف، فكأنهُ استعني عنهُ، بغد انتِشار الإسلام كما نهُي عن الصَّلاة على من يُتسب إِلى النَّفاق، بغد أن كان يُجرى عليهِم أحكام الإسْلام قبل ذَلِكَ، وكان أبا بكر وعُمر، تمسَّكا بالنَّهي الأوْل عن قتل المُصلِّين، وحملا الأمر هُنا على قيد أن لا يكُون لا يُصلي، فلِذلِك علَّلا عدم القتل بِوُجُودِ الصَّلاة، أوْ غلَّبا جانِب النَّهْىِ.

ثُمَّ وجدت في "مغازِي الأُموِي"، من مُرْسل الشَّعبِي، في نحو أصل القِصَّة: "ثُمَّ دعا رِجالا، فأعطاهُم، فقامِ رجُل، فقال: إِنك لتقسِم، وما نرى عدْلا، قال: إِذنْ لا يعدِل أحد بعدِي. ثمَّ دعا أبا بكر، فقال: اذهب، فاقتُلهُ، فذهب، فلم يجِدهُ، فقال: "لوْ قتلته لرجوْت أن يكُون أوْلهم وآخِرهم". فهذا يُوْيّد الجمع الذِي ذكرته، لِما يدُل عليهِ، "ثُمَّ" من التَّراخِي، واللَّه أعلمُ. انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي ذكره الحافظ من وجه الجمع حسنٌ، وقد تقدّمت المسائل المتعلّقة بهذا الحديث في "كتاب الزكاة"، فراجعها تستفد. واللَّه تعالى


(١) "فتح" ٨/ ٣٢٥.
(٢) "فتح" ١٤/ ٣٠٥ - ٣٠٦. "كتاب استتابة المرتدّين".