للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الهجرة أن تترك ما كرهه الله تعالى، منْ الأقوال، والأفعال، والأحوال، وفيه أن ترك المعاصي خير منْ ترك الوطن، فإن المقصود الأصليّ منْ ترك الوطن هو ترك المعاصي، فإذا تركه الإنسان، وهو فِي وطنه، فهو أفضل ممن هجر منْ وطنه؛ لأنه

يقتدي به أهله، وعشيرته، فيكون سببًا لهداية كثير منْ الناس (وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الْهِجْرَةُ هِجْرَتَانِ: هِجْرةُ الْحَاضِرِ) أي المقيم بالبلاد والقرى (وَهِجْرَةُ الْبَادِي) أي المقيم بالبادية (فَأَمَّا الْبَادِي فَيُجِيبُ) بضم أوله، منْ الإجابة (إِذَا دُعِيَ، ويُطِيعُ إِذَا أُمِرَ) والمراد أنه لا حاجة له إلى ترك وطنه، بل المطلوب منه أن يحضر عند الجهاد، إذا استنفره الإِمام، ويُطيع أميره، فإن ذلك يكفيه (وَأَمَّا الْحَاضِرُ، فَهُوَ أَعْظَمُهُمَا بَلِيَّةً) وذلك والله أعلم- لأنه يتحمّل كثيرًا منْ المسئولية، حيث يخرج فِي أول منْ يخرج إلى الغزو، وينزل عليه ضيوف الإِسلام، ويقوم بمساعدة الفقراء، والمساكين (وَأَعْظَمُهُمَا أَجْرًا) لأن عظم الأجر تابع لعظم النصب. والله تعالى أعلم بالصواب.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما هَذَا صحيح، وهو منْ أفراد المصنّف رحمه الله تعالى، أخرجه هنا -١٢/ ٤١٦٧ - وفي "الكبرى" ١٥/ ٧٧٨٨ و"كتاب السير" ٨٢ "هجرة الحاضر" ٨٧٠٢. وأخرجه الحاكم فِي "مستدركه" ١/ ١١. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".

* * *

١٣ - (تَفْسِيرِ الْهِجْرَةِ)

٤١٦٨ - (أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، كَانُوا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ؛ لأَنَّهُمْ هَجَرُوا الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ مِنَ الأَنْصَارِ مُهَاجِرُونَ، لأَنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ دَارَ شِرْكٍ، فَجَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ).

رجال هَذَا الإسناد: ستة:

١ - (الحسين منصور) أبو عليّ النيسابوريّ، ثقة فقيه [١٠] ٢٥/ ١٦٦٤.