للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"موسى بن أعين": هو الجزريّ، مولى قريش، أبو سعيد، ثقة عابد [٨] ١١/ ٤١٥. و"معمر": هو ابن راشد. و"عاصم بن سليمان": هو الأحول، أبو عبد الرحمن البصريّ، ثقة [٤] ١٤٨/ ٢٣٩.

والحديث متّفق عليه، وَقَدْ سبق تمام البحث فيه فِي الباب الأول. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٧ - (إِذَا وَجَدَ مَعَ كَلْبِهِ كَلْبًا غَيْرَهُ)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: جواب "إذا" أيضاً محذوف؛ لفهمه منْ الحديث، تقديره: حرُم أكله. قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: فِي الحديث تصريح بأنه لا يحلّ الصيد إذا شارك كلبه كلب آخر، والمراد كلبٌ آخر استرسل بنفسه، أو أرسله منْ ليس هو منْ أهل الذكاة، أو شككنا فِي ذلك، فلا يحلّ أكله فِي كلّ هذه الصور، فإن تحقّقنا أنه إنما شاركه كلبٌ أرسله منْ هو منْ أهل الذكاة عَلَى ذلك الصيد حلّ. انتهى (١).

وَقَالَ أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله تعالى -عند قوله: "ما لم يشرَكها كلبٌ ليس معها"، وفي رواية: "فإن خالطها كلابٌ منْ غيرها، فلا تأكل"، وفي أخرى: "وإن وجدت مع كلبك كلبًا غيره، وَقَدْ قتل، فلا تأكل الحديث"، هذه كلها روايات مسلم، ونحوها روايات النسائيّ هنا- قَالَ: هذه الروايات، وإن اختلفت ألفاظها، فمعناها واحد، وهذا الاختلاف يدلّ عَلَى أنهم كانوا ينقلون بالمعنى، وتفيد هذه الروايات أن سبب إباحة الصيد الذي هو عَقْرُ الجارح له، لابُدّ أن يكون متحقّقًا، غير مشكوك فيه، ومع الشك لا يجوز الأكل، وهذا الكلب المخالط محمولٌ عَلَى أنه غير مرسل منْ صائد آخر، وأنه إنما انبعث فِي طلب الصيد بطبعه ونفسه، ولا يُختَلفُ فِي هَذَا، فأما لو أرسله صائدٌ آخر عَلَى ذلك الصيد، فاشتركا الكلبان فيه، فإنه للصائدين، يكونان شريكين، فلو أنفذ أحد الكلبين مقاتله، ثم جاء الآخر، فهو للذي أنفذ مقاتله. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله تعالى (٢). والله تعالى أعلم بالصواب.

٤٢٧١ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا -وَهُوَ ابْنُ


(١) "شرح مسلم" ١٣/ ٧٦.
(٢) "المفهم" ٥/ ٢٠٨ - ٢٠٩.