للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد رجال الصحيح، غير "شعيب بن يوسف" أبي عمرو النسائيّ، فإنه منْ أفراد المصنّف، وهو ثقة [١٠] ٤٢/ ٤٩.

و"يحيى": هو ابن سعيد القطّان. و"محمد بن يوسف": هو الكنديّ المدنيّ الأعرج، ثقة ثبتٌ [٥] ١٢٣/ ١٨٣. و"السائب بن يزيد": هو المذكور قبل بابين.

وقوله: "شرّ الكسب مهر البغيّ": وفي حَدِيث أَبِي هُرَيْرة رضي الله تعالى عنه عند البخاريّ: "نَهى رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-، عَن كَسْب الإِمَاء"، زَادَ أَبُو دَاوُدَ، مِنْ حَدِيث رَافِع بن خَدِيج: "نَهَى عَن كَسْب الْأَمَة، حَتى يُعْلَم منْ أَيْنَ هُوَ؟ "، فَعُرِفَ بِذَلِكَ النَّهْيُ، وَالمُرَاد بِهِ كَسْبهَا بالزِّنا، لَا بِالعَمَلِ الْمُبَاح. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا، مِنْ حَدِيث رِفَاعَة بْن رَافِع، مَرْفُوعًا: "نَهَى عَن كَسْب الأَمَة، إِلَّا مَا عَمِلَت بِيَدِهَا"، وَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ، نَحْو الْغَزْل، وَالنَّفْش -وَهُوَ بِالْفَاءِ- أَي نَتْف الصُّوف. وَقِيلَ: المُرَاد بِكَسْب الأَمَة جَمِيع كَسْبهَا، وَهُوَ منْ بَاب سَدّ الذَّرَائِع؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤْمَن، إِذَا أُلْزِمَت بِالْكَسْبَ، أنْ تَكْسِب بِفَرْجِهَا، فَالْمَعْنَى أَنْ لَا يُجْعَل عَلَيْهَا خَرَاجٌ مَعْلُوم، تُؤَدِّيه كُلّ يَوْم. قاله فِي "الفتح".

وقوله: "وكسب الحجّام": وفي حديث أبي جحيفة رضي الله تعالى عنه عند البخاريّ: "نهى عن ثَمَن الدَّم"، وَاخْتُلِفَ فِي المُرَاد بِهِ، فَقِيلَ: أُجْرَة الْحِجَامَة، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى ظَاهِره، وَالمُرَاد تَحرِيم بَيْع الدَّم، كَمَا حُرِّمَ بَيع المَيْتَة وَالْخِنْزِير، وَهُوَ حَرَام إِجْماعًا، أَعْنِي بَيْع الدَّم، وَأَخْذ ثَمَنه.

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي أجرة الحجّام، فَذَهَبَ الجُمهور إِلَى أَنَّهُ حَلَال، وَاحْتَجُّوا بِحديث "احتجم النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم، وأعطى الحجام أجره"، متّفقٌ عليه، فقد قَالَ ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما: "احتجم النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم، وأعطى الحجام أجره، ولو علم كراهيةً لم يُعطه". رواه البخاريّ. وَقَالُوا: هُوَ كَسْب، فِيهِ دَنَاءَة، وَلَيْسَ بِمُحَرَّم، فَحمَلُوا الزَّجْر عَنهُ عَلَى التَّنزِيه.

وَمِنْهُمْ مَنْ ادَّعَى النَّسْخ، وَأَنَّهُ كَانَ حَرَامًا، ثُمَّ أُبِيحَ، وَجَنَحَ إِلَى ذَلِكَ الطَّحَاوِيُّ، وَالنَّسْخ لَا يَثْبُت بِالِاحْتِمَالِ.

وَذَهَبَ أَحْمَد، وَجَمَاعَة إِلَى الْفَرْق بَين الحُرّ وَالْعَبْد، فَكَرِهُوا لِلْحُرِّ؛ الاحْتِرَاف بِالْحِجَامَةِ، وَيحْرُم عَلَيهِ الإِنْفَاق عَلَى نَفْسه مِنْهَا، وَيجُوز لَهُ الإنْفَاق عَلَى الرَّقِيق، وَالدَّوابّ مِنْهَا، وَأبَاحُوهَا لِلْعَبدِ مُطْلَقًا، وَعُمْدَتهمْ حَدِيث مُحَيِّصَةَ، أَنَّهُ "سَأَلَ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- عَن كَسْب الْحَجَّام؟ فَنَهَاهُ، فَذَكَر لَهُ الحَاجَة، فَقَالَ: اعْلِفْهُ نَوَاضِحك"، أَخْرَجَهُ مَالِك، وَأَحْمَد، وَأَصْحَاب "السُّنَن"، وَرِجَاله ثِقَات.

وَذَكَرَ ابْن الْجَوْزِيّ، أَن أَجْر الْحَجَّام إِنَّمَا كُرِهَ؛ لِأَنَّه مِنْ الأَشْيَاء الَّتِي تَجِب لِلْمُسْلِمِ