للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي رواية أبي داود منْ حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: "ومن لزم السلطان افتُتِن، وما ازداد عبد منْ السلطان دُنُوًّا، إلا ازداد منْ الله بُعْدًا".

وَقَالَ الْمُظْهِرُ: يَعْنِي مَنْ التَزَمَ الْبَادِيَةَ، وَلَمْ يَحْضُرْ صَلَاةَ الْجُمْعَةِ، وَلا الْجَمَاعَةَ، وَلا مَجَالِسَ الْعُلَمَاءِ، فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ، وَمَنْ اعْتَادَ الاصْطِيَادَ لِلَّهْوِ، وَالطَّرَبِ، يَكُونُ غَافِلاً؛ لِأَنَّ اللَّهْوَ، وَالطَّرَبَ، يُحْدِثُ منْ القَلْبِ الْمَيْتَ، وَأَمَّا مَنْ اصْطادَ لِلْقُوتِ، فَجَازَ لَهُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَصْطَادُونَ، وَمَنْ دَخَلَ عَلَى السُّلْطَانِ وَدَاهَنَهُ، وَقَعَ فِي الْفِتْنَةِ، وأَمَّا مَنْ لَمْ يُدَاهِنْ، وَنَصَحَهُ، وَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَاهُ عَن المُنْكَرِ، فَكَانَ دُخُولُهُ عَلَيْهِ أَفْضَلَ الْجِهَادِ. انْتَهَى.

وقوله: (وَاللَّفْظُ لاِبْنِ الْمُثَنَّى) يعني أن لفظ الحديث المذكور هنا لمحمد بن المثنّى شيخه الثاني، وأما إسحاق، فرواه بالمعنى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث.

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما حسنٌ.

[فإن قلت]: كيف يُحسّن، وفيه أبو موسى، وهو مجهول؟.

[قلت]: إنما حسن لما يأتي له قريبًا منْ الشواهد، إن شاء الله تعالى.

[تنبيه]: قَالَ الإِمام الترمذي رحمه الله تعالى بعد إخراج هَذَا الحديث: ما نصّه: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ منْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ. قَالَ المُنْذِرِيُّ -بَعْدَ نَقْلِ كَلَام التَّرْمِذِيِّ هَذَا-: ما نصّه: وَفِي إِسنَادِهِ أَبُو مُوسَى، عَن وَهْبِ بْنِ مُنبِّه، وَلا نَعْرِفُهُ. قَالَ الحَافِظُ أَحْمَدُ الكَرَابِيسِيُّ: حَدِيثُهُ لَيْسَ بِالقَائِمِ. هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ. وَقَدْ رُوِيَ منْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا. وَرُوِيَ أَيْضًا منْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِب، وَتَفَرَّدَ بِهِ شَرِيكُ بنُ عَبْد اللهِ، فِيمَا قَالَ الدَّارَقُطنِيُّ، وَشَرِيكٌ فِيهِ مَقَالٌ. انْتَهَى كَلَامُ المُنْذِرِيّ رحمه الله تعالى.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه الأحاديث، وإن كَانَ مفراداتها لا تخلو عن مقال، لكن مجموعها يتقوّى، فلا تنزل عن درجة الحسن، فتأمّل. والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: صحح الشيخ الألباني هَذَا الحديث، ولعله ظنًا منه أن أبا موسى هو إسرائيل ابن موسى البصريّ، نزيل الهند، وهو ثقة، فقد كتب فِي هامش "تحفة الأشراف" -٥/ ٢٦٥ - ما يصرّح بأنه هو، فإن كَانَ هو، فالحديث صحيح؛ كما قَالَ الشيخ الألباني؛ لأنه ثقة معروف، لكن تصريح الحفاظ: أبي أحمد الكرابيسيّ، والمنذريّ، وابن