للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: أحسن منه تأويل النوويّ، حيث قَالَ: ووجه التذكير أنه أراد به العضو. انتهى.

(فنظر إلى أطول جمل وأطول رجل في الجيش فمر تحته) وفي رواية البخاريّ: "ثم أمر براحلة، فرُحلت، ثم مرّت تحتهما، فلم تصبهما"، وفي حديث عبادة بن الصامت، عند ابن إسحاق: "ثم أمر بأجسم بعير معنا، فحُمل عليه أجسم رجل منا، فخرج منْ تحتهما، وما مست رأسه".

قَالَ الحافظ: وهذا الرجل، لم أقف عَلَى اسمه، وأظنه قيس بن سعد بن عبادة، فإن له ذكرا فِي هذه الغزوة، كما ستراه بعدُ، وكان مشهورا بالطول، وقصته فِي ذلك مع معاوية، لَمّا أرسل إليه ملك الروم بالسراويل، معروفة، فذكرها المعافى الحريري فِي "الجليس"، وأبو الفرج الأصبهاني، وغيرهما، ومحصلها: أن أطول رجل منْ الروم، نَزَع له قيس بن سعد سراويله، فكان طول قامة الرومي، بحيث كَانَ طرفها عَلَى أنفه، وطرفها بالأرض، وعوتب قيس فِي نزع سراويله فِي المجلس، فأنشد [منْ الطويل]:

أَرَدتُّ لِكَيْمَا يَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّهَا … سَرَاوِيلُ قَيْسِ وَالْوُفُودُ شُهُودُ

وَأَنْ لا يَقُولُوا غَابَ قَيْسٌ وَهَذِهِ … سَرَاوِيلُ عَادِيٌّ نَمَتْهُ ثَمُودُ

ووقع فِي آخر "صحيح مسلم"، منْ طريق عبادة بن الوليد، أن عبادة بن الصامت، قَالَ: خرجت أنا وأبي، نطلب العلم، فذكر حديثا طويلًا، وفي آخره: "وشكا النَّاس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجوع، فَقَالَ: "عسى الله أن يطعمكم"، فأتيا سِيف البحر، فزخر البحر زخرة، فألقى دابة، فأورينا عَلَى شِقّها النار، فاطّبخنا، واشتوينا، وأكلنا، وشبعنا، قَالَ جابر: فدخلت أنا وفلان وفلان، حَتَّى عدّ خمسة فِي حجاج عينها، وما يرانا أحد، حَتَّى خرجا، وأخذنا ضلعا منْ أضلاعها، فقوّسناه، ثم دعونا بأعظم رجل فِي الركب، وأعظم جمل فِي الركب، وأعظم كَفَل فِي الركب، فدخل تحته، ما يطأطأ رأسه". وظاهر سياقه أن ذلك وقع لهم فِي غزوة، مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، لكن يمكن حمل قوله: "فأتينا سيف البحر" عَلَى أنه معطوف عَلَى شيء محذوف، تقديره: فبعثنا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سفر، فأتينا … الخ، فيتحد مع القصة التي فِي حديث الباب. قاله فِي "الفتح".

(ثم جاعوا) "ثُمّ" هنا للترتيب الذكريّ؛ لأن نحو الرجل إنما كَانَ قبل أن يجدو العنبر، قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: القصّة هاهنا عَلَى غير ترتيبها، فكدمة "ثمّ" لتراخي الإخبار، وكذا الفاء فِي قوله: "فأخرجنا منْ عينيه الخ" لتعقيب الإخبار. والله تعالى أعلم. انتهى (١).


(١) "شرح السنديّ" ٧/ ٢٣٧.